البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الكهف

صفحة 474 - الجزء 1

  المساكين ثلاثة أقوال أحدها: لفقرهم وحاجتهم. والثاني: لشدة ما يعانوه في البحر كما يقال لمن عانا شدة قد لقي هذا المسكين جهداً. والثالث: لزمانة كانت بهم وعلة.

  {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} أي أحدث فيها عيباً {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ٧٩} وكان وراءهم فيه تأويلان أحدهما: أنه كان خلفهم لأنه كان رجوعهم عليه، ولم يعلموا به. والثاني: أنه كان أمامهم.

  وفي استعمال وراء موضع أمام ثلاثة أقاويل أحدها: يجوز استعماله بكل حال في كل مكان وهو من الأضداد قال الله ø: {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ}⁣[الجاثية: ١٠]، يعني من أمامهم وقدامهم. والثاني أن يستعمل في المواقيت والأزمان لأن الإنسان قد يجوزها فيصير وراءها ولا تجوز في غيرها. والثالث: أنه يجوز في الأجسام التي لها وجه كحجرين متقابلين كل واحد وراء الآخر ولا يجوز في غيرها.

  قوله تعالى: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ٧٩} وروينا عن زيد بن علي # أنه كان يقرأ: (كل سفينة صالحة غصبا) لأنه كان يأخذ كل سفينة جيدة فلذلك عابها الخضر لتسلم من الملك.

  {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ٨٠} قيل إن الخضر وجد غلماناً يلعبون فأخذ غلاماً جميل الصورة فأضجعه وذبحه، قيل إن الغلام في عشر سنين وفرح أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل ولو عاش كان به هلاكهما {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ٨١} يعني خيراً منه إسلاماً وكانت أمه حبلى فولدت غلاماً قيل هدى الله على يده أمة من الأمم وأقرب رحما: أي أبر بوالديه من أخيه المقتول.