البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الكهف

صفحة 475 - الجزء 1

  قوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ} وكان اسم الغلامين أصرم وصريم، وقيل إن الكنز كان صحفاً فيها العلم.

  وروينا أن الكنز كان لوحاً من ذهب مكتوب فيه عجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح، عجبت لمن يؤمن بالعدل كيف يحزن، عجبت لمن يوقن بالدنيا وزوالها وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله.

  {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا} لطفاً بهما ورأفة.

  قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ٨٣} روينا عن أمير المؤمنين علي # أن ذا القرنين لم يكن نبياً ولكنه كان عبداً صالحاً أحب الله وأحبه الله وناصح لله فنصره الله فضربوه على قرنه فمكث ما شاء الله ثم دعاهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الآخر، وإنما سمي ذو القرنين لأنه المضروب على جانب رأسه على ما روينا عن أمير المؤمنين وقيل: سمي بذلك لأنه بلغ قرن الشمس مطلعها ومغربها.

  قوله تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَءَاتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ٨٤} قيل السبب هو العلم الذي يتسبب به على إرادته وقيل: هو ما يستعين به على لقاء الملوك وقتل الأعداء وفتح البلاد.

  {فَأَتْبَعَ سَبَبًا ٨٥} يعني منازل الأرض ومعالمها وطرقها إلى ما أريد منه {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} وقرئ (حامية) أي حارة، وقيل حميّة يعني في طينة سوداء أي أنه وجد الشمس تغرب في نفس العين كما نراها تغرب في وسط بحر {وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ٨٦} يعني