سورة الكهف
  {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} يعني سوى بينهما بما جعل بينهما حتى ورى رؤوسهما وساوى بينهما {قَالَ انْفُخُوا} يعني في الحديد {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا} يعني ليناً كالنار {قَالَ ءَاتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ٩٦} والقطر النحاس وقيل الرصاص وقيل هو الحديد المذاب قال الشاعر:
  حسام كلون الملح صاف حديده ... حراراً من أقطاع الحديد المتعب
  قوله تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} يعني يعلوه {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ٩٧} يعني من أسفله، وقيل: إن هذا السد وراء بحر الروم بين جبلين هناك مؤخرهما البحر المحيط قيل إن ارتفاع السد مقدار مائتي ذراع وعرضه خمسون ذراعاً وأنه من حديد.
  قوله تعالى: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} يعني عمله رحمة من ربي لعباده ويجوز أن قدرته على عمله رحمة من الله {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ} يعني ما وعد به من أشراط الساعة وعلامات الآخرة عند نزول عيسى #.
  وروينا أن النبي ÷ قال: «إنهم يَدْابون في حفرهم نهاراً حتى إذا أمسوا وكادوا ينظرون شعاع الشمس قالوا نرجع غداً فنحفر بقيته فيعودون من الغد وقد استوى كما كان، حتى إذا جاء أمر الله قالوا: غداً إن شاء الله ننقب بقيته فيرجعون إليه فينقبونه بإذن الله فيخرجون منه على الناس فيتحصن الناس في حصونهم ثم يرمون بنبالهم إلى السماء فترجع إليهم فيقولون قد ظهرنا على أهل الأرض وقهرنا أهل السماء فيرسل الله عليهم عذاباً يهلكهم به».
  {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي} يعني الأجل الذي يخرجون فيه {جَعَلَهُ دَكَّاءَ} يعني السد يجعلونه دكاً أي مثل الأرض المستوية.