البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 506 - الجزء 2

  قال له إبراهيم وحاروا عما أرادوه من الجواب فأنطقهم الله تعالى بالحق قالوا: {إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ٦٤} يعني في سؤاله لأنها لو كانت آلهة لم يصل إبراهيم إلى كسرها ولو صحبهم التوفيق لآمنوا مع هذا الجواب لظهور الحق فيه على ألسنتهم.

  {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ} أي أنهم رجعوا إلى شكهم بعد اعترافهم بالحق. والثاني: أنهم خفضوا رؤوسهم لأمرين أحدهما: انكساراً بانقطاع حجتهم وما فكروا في جوابهم فأنطقهم الله تعالى بعد ذلك بالحجة إذعاناً لها وإقراراً بها لقولهم: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ٦٥} فأجابهم إبراهيم بعد اعترافهم بالحجة: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ٦٦ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ٦٧ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا ءَالِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ٦٨}.

  وقيل: لما أوثق # ليلقى في النار قال: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين يا رب العالمين لك الحمد ولك الملك لا شريك لك) فما أحرقت النار إلا وثاقه وألقي في النار وهو ابن ست وعشرين سنة.

  وقيل: إنهم عملوا مستوقد وأوقدوا عليه سبعة أيام ثم أطبقوا عليه وفتحوه من الغداة فإذا هو عرق أبيض يجري من وجهه لم يحرق.

  {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ٦٩} جعل الله سبحانه فيها برداً يدفع حرها وحراً يدفع بردها فصار سلاماً ولو لم يقل: وسلاماً؛ لكان بردها أشد عليه من حرها.

  قوله تعالى: {.. وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا} قيل: إن لوطاً كان ابن أخ لإبراهيم فآمن به كما قال تعالى فلذلك نجاهما إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا