البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 509 - الجزء 2

  {لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} أي من بأس عدوكم.

  {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} أي سخرنا لسليمان الريح عاصفة والعصوف شدة حركتها {تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} أي أرض الشام التي هي أرض المحشر وكانت الريح تجري لسليمان وأصحابه إلى حيث شاء.

  {.. وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} روينا أن أيوب أتاه المال والولد فتلف ماله وهلك ولده فقال: رب قد أحسنت إلي الإحسان كله كنت قبل اليوم يشغلني حب المال بالنهار وحب الولد بالليل والآن فدع لي سمعي وبصري وليلي ونهاري؛ ثم ابتلاه الله بما ابتلاه من الدود واشتدت به الحال وكان له أخوان فأتياه يوماً ووجدا ريحه فلم يستطيعا أن يدنوا منه فقالا: لو كان لأيوب عند الله خير ما بلغ به هذا البلاء فجزع من قولهما جزعاً لم يجزع من شيء مثله فقال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت شبعان وأنا أعلم مكان جائع فصدقني، قال: فصدق وهما يسمعان. قال: اللهم إن كنت تعلم أني ألبس قميصي وأنا أعلم مكان عار فصدقني، قال: فصدق وهما يسمعان. ثم قال: اللهم لا أرفع رأسي حتى تكشف ما بي، قيل: فما رفع رأسه حتى كشف الله ø ما به وهو قوله: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ٨٣} الضر المرض الذي كان به والدود الذي كان في بدنه، وقيل له: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ}⁣[ص: ٤٢]، فركض برجله فنبعت عين فاغتسل منها فذهب ظاهر دائه ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى فشرب منها فذهب باطن دائه، وعاد إليه حسنه وجماله وقام صحيحاً.

  ثم إن الله سبحانه رحم امرأته لصبرها معه على البلاء فأمره أن يضربها