البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الحج

صفحة 519 - الجزء 2

  {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ٢٧} أي بعيد قال الشاعر:

  ولعب أيديهن بالحريق ... مدى نياط نازح عميق

  قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} أي شهود الموقف وقضاء المناسك والتجارة في الدنيا والآخرة {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} هي عشر ذي الحجة وآخرها يوم النحر {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} يعني على نحر ما رزقهم من بهيمة الأنعام وهي الضحايا والهدايا {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ٢٨} الأكل منها مستحب والإطعام واجب، وهذا فيما كان تطوعاً من الدماء فأما واجباته فلا يجوز أن يؤكل منها شيئاً، والبائس الفقير الذي به زمانة.

  قوله ø: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} هو إزالة شعث الإحرام من تقليم ظفر وأخذ شعر وغسل واستعمال طيب {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} أي ما نذروه في حجهم من بر {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ٢٩} يعني طواف الإفاضة وهو الركن في الحج والعمرة، وسمي البيت عتيقاً لأن الله ø أعتقه من الجبابرة وقيل سمي عتيقاً لقدمه وأنه أول بيت وضع للناس فقيل عتيق لأنه لم يملكه أحد.

  قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} أي هو فعل ما أمر به من المناسك واجتناب ما نهى عنه في إحرامه.

  قوله تعالى: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} وقوله: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}⁣[المائدة: ١]، ويجوز إلا ما يتلى وهي: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}⁣[المائدة: ٣].