البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النمل مكية

صفحة 575 - الجزء 2

  قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} ورثه بنبوته وملكه وكان لداود سبعة عشر ولداً ذكراً وإنما خص سليمان بالوراثة لأنها وراثة نبوة وملك فلو كان وراثة المال لكان جميع أولاده فيه سواء وكان داود # استخلفه في حياته على بني إسرائيل.

  قوله تعالى: {.. فَهُمْ يُوزَعُونَ ١٧} يعني يرد أولهم إلى آخرهم مأخوذ من وزعه عن الظلم أي كفه عنه، وقيل: لا بد للدين من وزعة ممن يمنع الناس عنه قول النابغة:

  على حين عاينت المشيب على الصبى ... فقلت ألما نصح والشيب وازع

  قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ} وهو واد بأرض الشام {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} قيل كان للنملة جناحان فكانت من الطير فلذلك علم منطقها ولولا ذلك ما علم {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} أي لا يهلكنكم {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ١٨} تعني سليمان وجنوده لا يشعرون بهلاك النمل وسميت النملة نملة لتنملها وهو كثرة حركتها وقلة قرارها أكثر جنسه حساً لأنه إذا التقط الحبة من البر والشعير للادخار قطعها نصفين لئلا تنبت، وإن كانت كزبرة قطعها أربع قطع لأنها تنبت إذا قطعت قطعتين قال لهم بحسه فرق ما بين الأمرين فلهذا الحس قالت: {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ}.

  {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} يعني تبسم من حذرها بالمبادرة واستبقائها للنمل فوقف سليمان بجنوده حتى دخل النمل مساكنه {وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} معناه ألهمني أن أشكر نعمتك.

  قوله تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} قيل إن سليمان