البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النمل مكية

صفحة 576 - الجزء 2

  كان إذا سافر أظله الطير من الشمس فأخل الهدهد بمكانه فبان بطلوع الشمس بعده عنه وكان دليلاً لهم على الماء فكانوا إذا سافروا نقر لهم الهدهد عن أقرب الماء في الأرض فعند زوال الهدهد عن مكانه قال: {فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ٢٠} أي انتقل عن مكانه أم غاب.

  {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا} يعني بالعذاب نتف ريشه حتى لا يمتنع عن شيء {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ٢١ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} أي أقام غير طويل فيجوز أن يكون المراد به سليمان أي مكث سليمان غير بعيد، ويجوز أن يكون المكث غير بعيد للهدهد {فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} أي بلغت ما لم تبلغه وعلمت ما لم تعلمه {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ٢٢} أي بخبر صدق وفي سبأ قولان أحدهما هو مدينة بأرض اليمن يقال لها مأرب بينها وبين صنعاء مسير ثلاث ليال.

  وروينا أن الله تعالى بعث إلى سبأ اثني عشر نبيئاً، شعراً:

  من سبأ الحاضرين مأرب ... إذ يبنون سيله العرما

  والثاني أن سبأ حي من أحياء اليمن.

  قوله تعالى: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} وهي بلقيس ابنة شرحبيل، وكان أولو مشورتها ثلاثمائة واثني عشر رجلاً كل رجل منهم على عشرة آلاف رجل {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} يعني من كل نوع من أنواع الدنيا كلها {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ٢٣} يعني سرير عظيم وقيل كان مرصعاً بالجواهر مستر بالديباج والحرير.

  قوله تعالى: {.. أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ