البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النمل مكية

صفحة 578 - الجزء 2

  {حَتَّى تَشْهَدُونِ ٣٢ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ} أي أهل عَدَد وعُدد {وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} وكان تحت يدها اثنى عشر ألف قيل: تحت كل قبيل خمسون ألف مقاتل {وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ٣٣} عرضوا عليها الحرب.

  قوله تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} يعني أخذوها عنوة وأخربوها {وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} يعني أشرافهم وعظماؤهم أذلة يعني بالسيف والعنف.

  قوله تعالى: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ} قيل: أهدت إليه صحائف الذهب في أوعية الديباج وغلماناً لباسهم لباس الجواري وجواري لباسهن لباس الغلمان {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ٣٥} وفي هديتها قولان أحدهما: أرادت به الملاطفة والاستنزال نبوته من ملكه.

  وفي معنى اختبارها قولان أحدهما: أنها اختبرته بالقبول والرد فقالت: إن قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه على ملككم، وإن لم يقبل الهدية فهو نبي لا طاقة لكم بقتاله. والثاني: أنها اختبرته بتمييز الغلمان من الجواري.

  وفي تمييز سليمان # قولان أحدهما: أنه أمرهم بالوضوء فاغترف الغلام بيده واغترفت الجارية على يديها فميزهم بهذا. والثاني: أنهم لما توضئوا بدأ الغلام من كفه إلى مرفقه وبدأت الجارية من مرفقها إلى كفها فميزهم بهذا.

  قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ} يعني فلما جاءت هداياها إلى سليمان ووصلت رسلها إليه لأن الهدهد قد سبق إلى سليمان فأخبر بالهدية والرسل فتأهب سليمان لهم وقيل إنها أنفذت مع رسلها بعصي كانت ملوك حمير يتوارثونها وقالت: أريد أن تعرفني رأس هذه من أسفلها، وبقدح قالت