سورة النمل مكية
  تملأوه ماء ليس من ماء الأرض ولا من ماء السماء فقال سليمان للرسل حين وصلوا: {أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ} معناه أتزيدوني مالاً إلى ما تشاهدونه من أموالي {فَمَا ءَاتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا ءَاتَاكُمْ} أي ما آتاني الله من النبوة والملك خير مما آتاكم من المال {بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ٣٦} فرد عليهم المال وميز الغلمان من الجواري وأرسل العصا إلى الهواء وقال أي الرأسين سبق فهو الأصل، وأمر الخيل فأجريت حتى عرقت وملأ القدح من عرقها وقال: ليس هذا من ماء الأرض ولا من ماء السماء فهال الرسل ما شاهدوا.
  قوله تعالى: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} وإنما قال ذلك للرسول أرجع ذلك إليهم بما جئت به من الهدايا {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا} أي لا طاقة لهم بها ثم قال: {وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ٣٧} إخباراً لهم عما يصنعه بهم ليسارع إلى الإيمان من وفق له وهذه سنة كل نبي.
  قوله تعالى: {قَالَ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ} قيل لما عاد رسلها بالهدايا قالت: والله لقد عرفت ما هذا بملك وما لنا به من طاقة ثم بعثت إليه: أني قادمة عليك بملوك قومي ثم أمرت بعرشها فجعلته في سبعة أبيات بعضها في بعض وغلقت عليه الأبواب، وشخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن فقال سليمان حين علم بقدومها عليه {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ٣٨} وإنما أراد أن يجعل ذلك دليلاً لها على صدق نبوته لأنها خلفته في دارها وأوثقته في حرزها ثم جاءت إلى سليمان فوجدته قد تقدمها.
  قوله تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ} والعفريت المارد القوي وقيل المانع في كل شيء مأخوذ من قولهم فلان عفرته إذا كان مبالغاً في الأمور وقيل هو من العفر وهو الشديد زيدت فيه التاء فقيل عفريت {أَنَا ءَاتِيكَ