البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النمل مكية

صفحة 581 - الجزء 2

  {وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا} هذا قول سليمان والعلم معرفة الله وتوحيده والنبوة {وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ٤٢} أي طائعين لله بالاستسلام مخلصين له بالتوحيد.

  قوله تعالى: {.. قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ} والصرح صحن الدار يقال صرحة الدار وباحة الدار وساحة الدار وقاعة الدار كله بمعنى واحد وهو مأخوذ من التصريح ومنه صرح الأمر إذا أظهره، وقيل هو القصر قال الهذلي:

  بهن مقام بناه الرجال ... تحسب أعلامهن الصروحا

  {فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً} أي ماءً وكانت فيها أمثال الحيتان من الزجاج وإنما أراد بما فعل سليمان يختبر عقلها ومعرفتها وهل هي تعلم بما قد علموه من الصرح والممرد المملس ومنه الأمرد لملوسة خده وقيل هو الواسع في طوله وعرضه قال الشاعر:

  غدوت صباحاً باكراً فوجدتهم ... قبيل الضحى في البابلي الممرد

  قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} يعني بالشرك الذي كانت عليه والثاني: بالظن الذي توهمته في سليمان لأنها لما أمرت بدخول الصرح حسبته لجة وأن سليمان يريد يغرقها فلما بان له أنه صرح ممرد من قوارير علمت أنها ظلمت نفسها بذلك الظن {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٤٤} يعني استسلمت طائعة لله رب العالمين.

  قوله تعالى: {فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ٤٥} يعني كافر ومسلم ومصدق ومكذب. {قَالَ يَاقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} يعني العذاب قبل الرحمة {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ٤٦