البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النمل مكية

صفحة 583 - الجزء 2

  قوله تعالى: {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا} أي جعلها مستقراً {وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا} أي في مسالكها ونواحيها أنهاراً جارية ينبت به الزرع ويحيى به الخلق {وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ} يعني جبالاً هي ممسكة والأرض بها ثابتة {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا} يعني البحر العذب والمالح، الحاجز المانع من اختلاطهما لا يبغي أحدهما على صاحبه {أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٦١} يعني لا يعقلون ولا يعلمون توحيد الله ø ولا يفكرون في خلقه.

  قوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} وإنما خص إجابة المضطر وإن كان قد يجيب غير المضطر لأمرين أحدهما أن رغبته أقوى وسؤاله أخضع، والثاني: لأن إجابته أعم وأعظم لأنها تتضمن كشف بلوى وإسداء نعماء {وَيَكْشِفُ السُّوءَ} يحتمل أن يكون عمن تولاه فلا ينزل به {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} يعني خلفاً بعد خلف لأن الأولاد خلف الآباء، ويجوز خلفاً من الكفار بنزول أرضهم وطاعة الله بعد كفرهم {أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ٦٢} أي ما أقل تذكركم لنعم الله ø.

  قوله تعالى: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} يعني يرشدكم في مسالك البر والبحر ويخلصكم من أهوالهما والبر الأرض والبحر الماء {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نشراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} يعني ملقحات، وقرئ بالباء ومعناها مبشرة بين يدي رحمته، والرحمة المطر {أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ٦٣} أي عما أشركوا به من عبادة الأوثان.

  قوله تعالى: {... بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} يعني تلاحق عليهم واجتمع في الآخرة.

  قوله تعالى: {... قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ} ومعنى ردف يعني دنا واقترب وقيل معناه تبعكم قال أبو ذؤيب: