البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة القصص

صفحة 591 - الجزء 2

  فرعون واسمه شمعون {قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} يعني يتشاورون في قتلك قال النمر بن تولب:

  أرى الناس قد أحدثوا شبهة ... وفي كل حادثة تؤمر

  وقيل يأمر بعضهم بعضاً بقتلك ومنه قوله تعالى: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ}⁣[الطلاق: ٦]، أي ليأمر به بعضكم بعضا.

  قوله تعالى: {... وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} قيل إنه عرض لموسى أربع طرق فلم يدر أيتها يسلك {قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ٢٢} أي قصد الطريق إلى مدين ومدين كان عليه قوم شعيب.

  قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} قيل لما خرج موسى من مصر وبينه وبينها ثلاث⁣(⁣١) ليال ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر خرج حافياً فما وصل حتى وقع خف قدميه {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} أي جماعة يسقون غنمهم ومواشيهم {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ} يعني تحبسان قال الشاعر:

  أذود على باب القوافي كأنما ... أذود بها سرباً من الوحش ترعى

  ويجوز أن يكون بمعنى تمنعان كما قال الشاعر:

  لقد سلبت عصاك بنو تميم ... فما تدري بأي عصا تذود

  وفي ذودهما ثلاثة أقاويل أحدهما: يعني أنهما تحبسان عنها عن الماء لضعفهما عن زحام الناس. والثاني: أنهما تذودان الناس عن غنمهما عن أن


(١) نخ: ثمان.