[سورة العنكبوت]
  بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ٤٦} أي مخلصون.
  قوله تعالى: {.. وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} أي لا تكتبه بيمينك، ومعنى ذلك أن أهل الكتاب كانوا يجدون في كتبهم أن محمداً لا يخط بيمينه ولا يقرأ كتاباً فنزل ذلك فيهم ليدلهم على صحة نبوته {إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ٤٨} وهم مشركو العرب من اليهود وغيرهم {بَلْ هُوَ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} والمراد بالذين أوتوا العلم رسول الله ÷ فإنه أمي لا يقرأ ولا يكتب {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ٤٩} أي المشركون.
  {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ ءَايَاتٌ مِنْ رَبِّهِ} وهذا قول المشركين لرسول الله ÷ ومعناه هلا أنزل عليه آيات من ربه وذلك أنهم كانوا يسألونه آيات يقترحونها عليه كما كان يفعله مشركو قريش أن يجعل الصفا ذهباً ويجري بمكة نهراً {قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ} أي أن الله تعالى هو الذي يعطي ما يشاء من الآيات من الأنبياء بحسب ما يرى من المصلحة ولذلك لم تتفق آيات الأنبياء كلها وإنما جاء كل نبي بنوع منها {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ٥٠} يعني أن النبي مندوب للإنذار والبيان لا لما يقترح عليه من الآيات وإنما يلزم أن يأتي بما يشهد بصدقه من المعجزات وقد فعل الله تعالى ذلك وأجابهم به فقال: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} يعني القرآن {يُتْلَى عَلَيْهِمْ} آية لك ودليلاً على صدقك لما فيه من الإعجاز في نظمه وصدق خبره وصحة وعده {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً} يعني القرآن لرحمة {وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٥١} يعني بالرحمة استنقاذهم من الضلال وبالذكر إرشادهم به إلى الحق، لقوم يؤمنون أي يريدون الإيمان