البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الروم مكية بالاتفاق

صفحة 615 - الجزء 2

  قوله تعالى: {.. فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} وهم ذوو قربى الرسول ÷ الذين لهم الخمس وقد مر ذكرهم {وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} يعني من ذوي القربى وقد مر تفسيرهما.

  قوله تعالى: {وَمَا ءَاتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} فيه تأويلان أحدهما: أنه الرجل يهدي هدية ليكافأ عليها بأفضل منها. والثاني: أنه في رجل يهب هبة رجلاً من ذوي قرابته مالاً ليصير به غنياً ذا مال ولا يفعله طلباً لثواب الله تعالى، ومعنى: {فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} أي فلا يكون له ثواب عند الله {وَمَا ءَاتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ} يعني الصدقة المفروضة {فَأُولَئِكَ} عند الله {هُمُ الْمُضْعِفُونَ ٣٩} فيه وجهان أحدهما: يضاعف لهم الحسنات لأن من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها. والثاني: يضاعف أموالهم في الدنيا بالزيادة فيها.

  قوله تعالى: {.. ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} أي في كفران نعم الله ø وارتكاب المعاصي والمراد بالبر أهل البر وبالبحر أهل البحر، والبر الفيافي والبحر الأمصار وأهل الريف لأن العرب تسمي القرى البحر، وقيل: الفساد هو القحط والجدب {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} أي بذنوبهم وسيئات أعمالهم {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} أي بعض عقاب الذي عملوا من المعاصي لأن للمعصية جزاء معجلاً في الدنيا وجزاء مؤجلاً في الآخرة فصار عذاب الدنيا بعض الجزاء {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٤١} أي عن المعاصي إلى الحق والطاعة.

  قوله تعالى: {.. فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} أي استقم للدين المستقيم بصاحبه إلى الجنة {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ} يعني يوم القيامة {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ٤٣} معناه يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السعير.

  قوله تعالى: {فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ٤٤} أي يواطئون مقاعدهم