البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الروم مكية بالاتفاق

صفحة 616 - الجزء 2

  بالأعمال الصالحة.

  قوله تعالى: {.. وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} يعني بالغيث قال الإمام الناصر لدين الله ~: كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة، وكل شيء في القرآن من الريح فهي عذاب، والرياح ثمانية: أربع منها رحمة، وأربع منها عذاب؛ فأما الرحمة: فالناشرات، والمبشرات، والمرسلات، والذاريات. وأما العذاب: فالعقيم، والصرصر وهما في البر، والعاصف، والقاصف وهما في البحر.

  {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} يعني المطر {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ} يعني السفن {بِأَمْرِهِ} يعني بقدرته في تسييرها {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٤٦} يعني ما عدده من النعم فتطيعوه لأن طاعة العبد لربه من شكره لنعمته إذ ليس مع المعصية شكر ولا مع كفر النعمة طاعة.

  قوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ٤٧} يعني نصر الأنبياء والأئمة $ بإجابة دعائهم على المكذبين لهم من قومهم.

  قوله تعالى: {وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا} أي قطعاً قد تواكب بعضه على بعض {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} أي من خلال السحاب وقرئ: يخرج من خلله. وفي الودق تأويلان أحدهما: أنه البرق. والثاني: أنه المطر، ومنه قال الشاعر:

  فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا الأرض أخرجت أثقالها

  قوله تعالى: {.. فَانْظُرْ إِلَى ءَاثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ} يعني المطر {كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} يعني بالماء حين أنبتت شجراً ومرعى بعد أن كانت