البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة لقمان # مكية

صفحة 623 - الجزء 2

  ÷ أنه قال: «سرعة المشي يذهب بهاء الوجه» {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} أي اخفض صوتك، والصوت هو أرفع من كلام المحاسنة {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ١٩} أي أشدها وأبعدها.

  روينا عن جعفر بن محمد الصادق # أنه قال: هي العلية المرتفعة وهي تخصيصه بذلك من دون الحيوان أنه أقبح في النفس وأنكر في السمع لأن أوله زفير وآخره شهيق، وهو عند العرب مضروب به المثل، والسبب في أن ضرب الله تعالى صوت الحمار مثلاً لما روي عن الحسين بن علي @ أن المشركين كانوا في الجاهلية يتجاهرون ويتفاخرون برفع الأصوات فمن كان منهم أشد صوتاً كان أعز ومن كان منهم أخفض صوتاً كان أذل فقال الله تعالى: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ١٩} أي إن شيئاً يهاب لصوته لكان الحمار فجعلهم في المثل بمنزلته.

  {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} وقرئ: نعمه على الجمع بغير تنوين فمن قرأ بالتنوين أراد بها الإسلام والإيمان فجعلها واحدة وفيها وجه ثان: وهو أنه قصد التكثير بلفظ الواحد كقول العرب: كثير الدينار والدرهم والأرض سيف وفرس وهو أبلغ في التكثير من لفظ الجمع وفي قوله: ظاهرة وباطنة فالظاهرة ما ظهر على اللسان والباطنة ما استطر في القلب. والثاني أن الظاهر الخلق وتسويته وحسن تركيبه والباطن إنشاء الروح فيه {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ٢٠} وهذه الآية نزلت في النضر بن الحارث وكان يقول: الملائكة بنات الله تعالى.

  قوله تعالى: {.. وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ} يعني تصديق جهة طاعة