البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة لقمان # مكية

صفحة 625 - الجزء 2

  اللَّيْلِ} أي ما ينقص من النهار يجعله في الليل وما ينقصه من الليل يجعله في النهار. والثاني: يسلك الظلمة مسلك الضياء، ويسلك الضياء مسلك الظلمة فيصير كل واحد منهما مكان الآخر {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} يعني ذللها في طلوعه والأفول تقديراً للآجال وإتماماً للمنافع {كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} يعني إلى وقته في طلوعه وأفوله لا يعدوه ولا يقصر عنه {وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ٢٩} يعني بما تعملون بالليل والنهار.

  قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} أي هو الحق الذي لا إله إلا هو {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} يعني ما تشركون به من الأصنام والأوثان هو الباطل {وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ٣٠} في سلطانه.

  قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ} فيه وجهان أحدهما برحمة الله لكم في خلاصكم منه. والثاني: بنعمة الله عليكم في فائدتكم منه {لِيُرِيَكُمْ مِنْ ءَايَاتِهِ} يعني جري السفن فيه وقيل: مفتاح البحر السفن ومفتاح الأرض الطريق ومفتاح السماء الدعاء. والثاني: ما يرون فيه من قدرة الله تعالى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ٣١} يعني صبار على البلوى شكور على النعماء. والثاني: صبور على الطاعة شكور على الجزاء.

  قوله ø: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ} فيه وجهان أحدهما الجبال. والثاني: السحاب {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} يعني موحدين له لا يدعون لخلاصهم سواه {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} أي عدل في الوعد وأن يفي في البر بما عاهد الله عليه في البحر {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ٣٢} والختار الغدار قال عمرو بن معدي كرب:

  فإنك لو رأيت أبا عمير ... ملأت يديك من مكر وختر