سورة الأحزاب مدنية
  اليمن وبيض المدائن وقصور الشام وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجة إلا فشل، هذا والله الغرور؛ فأنزل الله هذه الآية.
  قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ} يعني من المنافقين منهم عبدالله بن أبي ومن رأى رأيه {يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ} بفتح الميم المكان الذي يقام فيه والمقام المقامة بضم الميم يعني لا مقام لكم على القتال {فَارْجِعُوا} إلى طلب الأمان والمدينة في ناحية من يثرب.
  والذي استأذن هم المنافقون {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} أي خالية ليس فيها إلا العورة من النساء والصبيان مأخوذ من قولهم: قد أعور الفارس إذا كان فيه موضع للضرب فيه خلل ومنه قول الشاعر:
  له الشبه الأولى إذا القرب أعورا
  ويقال: منزل معور إذا كان فيه خلل من سقوط جدار واضمحلال {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} تكذيب للمنافقين فيما ذكروه، وروينا أن قبيلتين من الأنصار بني حارثة وبني سلمة هموا أن يتركوا منزلهم يوم الخندق وفيهم نزل قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا}[آل عمران: ١٢٢]، فلما نزلت هذه الآية قالوا: والله ما سرنا مكاناً هممنا به إن كان الله ولينا.
  قوله تعالى: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} أي لو دخلت على المنافقين من أقطارها ونواحيها {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا} ثم سئلوا الشرك لأتوه ولأجابوا إليه {وَمَا تَلَبَّثُوا} بالمدينة {إِلَّا يَسِيرًا ١٤}.
  {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} يعني قبل الخندق وبعد بدر {وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا ١٥} عنه ليجزي عليه.