البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة يس مكية

صفحة 675 - الجزء 2

  تعالى.

  قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا} يعني الذكر والأنثى {مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ} وفي هذا دليل على مشاكلة العذاب لهم في أنها زوج وأنثى {وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ٣٦} مما تفرد الله سبحانه بمعرفته ولم يحط بعلمه أحد من خلقه وذلك كثير في السماوات والأرض.

  قوله تعالى: {وَءَايَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} أي يخرج منه النهار يعني ضوءه مأخوذ من سلخ الشاة إذا خرجت من جلدها {فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ٣٧} أي داخلون في ظلمة.

  قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} يعني لانتهاء أمرها عند انقضاء الدنيا والرواية التي رويناها عن أمير المؤمنين علي # والشمس لا مستقر لها {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ٣٨} وتأويل ذلك أنها تجري في الليل والنهار لا وقوف لها ولا قرار.

  قوله ø: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} يعني أنه يطلع كل ليلة في منزل {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ٣٩} وهو العذق اليابس.

  قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} يعني لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر أي ضوء القمر ليلاً والشمس نهاراً فإذا جاء سلطان أحدهما ذهب سلطان الآخر {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} يعني أنه لا يتقدم الليل قبل استكمال النهار لأنه لا يأتي بعد ليل متصل حتى يكون بينهما نهار متصل {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ٤٠} لأن الشمس والقمر والنجوم في فلك بين السماء والأرض غير ملتصق بالسماء ولو كانت ملتصقة ما جرت وفي قوله: يسبحون تأويلان أحدهما يجرون والثاني: يدورون كما يدور المغزل في الفلكة.

  قوله تعالى: {وَءَايَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ٤١}