البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الصافات مكية

صفحة 686 - الجزء 2

  فيه تقريع وتوبيخ كان نوعاً من العذاب.

  قوله تعالى: {... وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ٢٧} من التابعين والمتبوعين، ومعنى يتساءلون يتلاومون.

  {قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ٢٨} وهذا قول الضعفاء التابعين للمتبوعين في ضلالهم وكفرهم ومعنى تأتوننا عن اليمين يعني من قبل النصيحة والعرب تيمن بمن جاء عن اليمين لأنهم كانوا يلبسون الأمر على أتباعهم ويشبهون الباطل بالحق والكفر بالإيمان والغش بالنصيحة.

  {.... يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ٤٥} والكأس الإناء الذي فيه شراب أهل الجنة، والمعين فيه تأويلان أحدهما: الظاهر للعين، والثاني: الشديد الجري مشتق من قولك أمعن في كذا إذا اشتد دخوله فيه {بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ٤٦} يعني أن شراب أهل الجنة أبيض في اللون وله لون بخلاف هذا المسكر الذي يذهب العقول ويحسن القبيح ويورث العداوة والبغضاء ويصد شاربه عن طاعة خالقه نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه {لَا فِيهَا غَوْلٌ} أي أن شراب أهل الجنة لا يزيل عقولهم ولا يذهب أحلامهم {وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ٤٧} يعني لا تفنى معارفهم ولا تزول علومهم.

  قوله تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ٤٨} معنى قاصرات الطرف أي اللاتي قصرن أبصارهن على أزواجهن فلا يردن غيرهم مأخوذ من قولهم اقتصر على كذا إذا قنع به وعدل عن غيره قال امرئ القيس:

  من القاصرات الطرف لو ذب محول ... من الذُّب فوق الأنف أبرأت

  والعين: العظام الأعين {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ٤٩} والمراد به البيض