البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الفتح مدنية

صفحة 730 - الجزء 2

  من أصحابه بمكة رسولاً إلى كفار قريش يدعوهم إلى الإسلام أبطأ وأرجفوا بقتله فبايع أصحابه وبايعوه على الصبر والجهاد، وقيل: كانت عدتهم ألفاً وأربعمائة، وكانت البيعة تحت الشجرة بالحديبية، وكانت الشجرة سمرة، وسميت بيعة الرضوان لنزول آية الرضى فيهم والآية خصت من كان ظاهره وباطنه في الإيمان واحد لأن الرضى وقع عنهم.

  {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} يعني من صدق النية لمن صدق {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} يعني الصبر وسكون النفس إلى صدق الوعد {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ١٨} يعني فتح مكة.

  قوله تعالى: {.. وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} يعني مغانم خيبر {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} وهم أسد وغطفان الحليفان عليهم عيينة بن حصن ومالك بن عوف جاءوا لينصروا أهل خيبر فألقى الله تعالى في قلوبهم الرعب فانهزموا.

  {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} يعني فتح مكة {قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} أي أحاط علم الله بأنكم ستفتحونها.

  قوله تعالى: {.. سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ} يعني عادته السالفة في نصر أوليائه ورسله على أعدائه ولن تغير عادة الله في نصرك على أعدائك وأعدائه.

  قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} بالرعب {وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} بالنهي إلى وقت القتال، وقيل: سبب نزول هذه الآية ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله ÷ وأصحابه من قبل البيعتين عند صلاة الفجر ليقتلوهم فأخذهم رسول الله ÷ فأعقبهم.