سورة ق مكية
  يرى ما يقذي عينه ودعاه موسى ثمانين سنة {وَإِخْوَانُ لُوطٍ ١٣} يعني قوم لوط وأتباعه كانوا أربعة آلاف ألف، وروينا في الآثار أنه ما يقوم أحد يوم القيامة من الأنبياء إلا وقام معه من أمته ناس إلا لوط فإنه يقوم وحيداً.
  {وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} وهي الغيظة ذات الشجر الملتف، وكان عامة شجرها الدوم وكان نبيهم شعيباً أرسل إلى أمتين من الناس أهل مدين وأصحاب الأيكة {وَقَوْمُ تُبَّعٍ} وتبع كان رجلاً من ملوك حمير وسمي تبعاً لكثرة تبعه قال الإمام الناصر لدين الله: إن تبع أسلم وكفر قومه فلذلك ذكر قومه ولم يذكره وهو الذي حير الحيرة وفتح سمرقند حتى أخربها وكان يكتب إذا كتب (بسم الله الذي تسمى وملك براً وبحراً وصحا وريحا) {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ١٤} أي حق عليهم وعيد الله وعذابه وإنما ذكر الله سبحانه قصص هؤلاء لهذه الأمة ليعلم المكذبون منهم بالنبي ÷ وبالأئمة من ولده أنهم كغيرهم من مكذبي الرسل إن أقاموا على التكذيب فلم يؤمنوا حتى أرشد الله منهم من أرشد وتبعهم رغباً ورهباً من تبع.
  قوله تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ١٥} فيه تأويلان أحدهما: معناه أفعجزنا عن إهلاك الخلق الأول يعني من تقدم ذكره حين كذبوا بالرسل مع قوتهم وكثرتهم حتى تشكوا من إهلاكنا لكم مع ضعفكم إن كذبتم فيكون هذا خارجاً مخرج الوعيد.
  والثاني: معناه أننا لم نعجز من إنشاء الأول فكيف تشكون في إنشاء خلق جديد يعني البعث بعد الموت فيكون هذا خارجاً مخرج البرهان والدليل.
  قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}