البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة ن مكية وبعضها مدنية

صفحة 818 - الجزء 2

  قوله تعالى: {... وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ٩} أي تدهن دينك فيداهنون في أديانهم {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ١٠} والحلاف الكذاب والمهين الضعيف القلب، وهذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة - لعنه الله تعالى وذلك أنه عرض على رسول الله ÷ مالاً وحلف أن يطيعه إن رجع عن دينه.

  قوله تعالى: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ١١} والهماز المغتاب، والمشاء هو الذي ينقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض ويسعى بالكذب قال الشاعر:

  ومولى كبيت النمل لا خير عنده ... لمولاه إلا سعيه بنميم

  قوله تعالى: {.. عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ١٣} يعني بعد مناع الخير والعتل القوي في كفره الجافي الشديد الخصومة بالباطل واشتقاقه من الذي يعتل الناس أي يجرهم إلى حبس أو عذاب ومنه قوله تعالى: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ}⁣[الدخان: ٤٧].

  وروينا عن رسول الله ÷ أنه قال: «لا يدخل الجنة خواط ولا جعظري ولا العتل الزنيم» فقال ÷: «الخواط الذي جمع ومنع، والجعظري الفظ الغليظ والعتل الشديد الخصومة الرحيب الجوف المصح الأكول الشريب الواجد للطعام الظلوم للناس والزنيم ولد الزنا» ويجوز أن يكون بمعنى الدعي كما قال الشاعر:

  زنيم تداعته الرجال زيادة ... كما زيد في عرص الأديم الأكارع

  وقيل: هو الذي يعرف بالشر {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ١٤} وهو