البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة نوح # مكية

صفحة 830 - الجزء 2

  إليه وأنا مثلك فحذرني كما حذرتك {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ} ما تقدم من ذنوبهم وشركهم {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي ءَاذَانِهِمْ} لئلا يسمعوا دعاءه ليويسوه من إجابة ما سمعوه {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} أي غطوا رؤوسهم وتنكروا لا يعرفهم {وَأَصَرُّوا} أي أقاموا على الكفر متعمدين ومختارين له {وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ٧} واستكبارهم هو كفرهم بالله وتكذيبهم بنوح #.

  {.. ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ٩} يعني أظهرت وأخفيت وكل هذا من نوح # مبالغة في الدعاء وتلطف في الاستدعاء {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠} هذا ترغيب منه في التوبة، وروينا عن آبائنا عن رسول الله ÷ أنه قال: «الاستغفار منجاة للذنوب».

  {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ١١} يعني غيثاً متتابعاً وقيل إنهم قد كانوا قد أجدبوا أربعين سنة حتى أذهب الجدب أموالهم فقال ذلك ترغيباً في الإيمان {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ١٢} وقيل إن في تلك الأربعين التي أجدبوا فيها انقطع نساءهم عن الولد وعلم نبي الله أنهم أهل حرص على الدنيا فقال: هلموا إلى طاعة الله فإن فيها درك الدنيا والآخرة.

  {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ١٣} أي لا تخشون له عقاباً وترجون منه ثواباً {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ١٤} يعني طوراً نطفة وطوراً علقة ثم طوراً مضغة ثم طوراً عظاماً ثم كسا العظام لحماً ثم أنشأه خلقاً آخر أنبت له الشعر وأكمل له الصورة.

  {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا ١٥} يعني متطابقة بعضها فوق بعض {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} يعني جعل القمر معهن