البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة القيامة مكية

صفحة 851 - الجزء 2

  {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ١٦ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} وسبب نزول هذه الآية: أن رسول الله ÷ كان إذا نزل عليه الوحي بالقرآن حرك به لسانه ليذكره ولا ينساه وكان يناله منه شدة فنهاه الله ø عن ذلك وقال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ ١٧} يعني أن علينا أن نجمعه لك حتى نثبته في قلبك {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ ١٨} يعني فإذا بيناه فاعمل بما فيه واتبع شرائعه وأحكامه {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ١٩} يعني بيان ما فيه من أحكام حلال وحرام.

  قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ٢٠ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ٢١} يعني تحبون العمل للدنيا ولا تحبون العمل للآخرة.

  {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢} يعني حسنة مستبشرة ناعمة {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣} يعني إلى ثواب ربها منتظرة {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ٢٤} أي متغيرة كالحة {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ٢٥} والظن هنا بمعنى اليقين والفاقرة هي خلودهم وهلاكهم في النار.

  {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ٢٦} يعني بلوغ الروح عند موته إلى التراقي وهي أعلى الصدر واحدتها ترقوة {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ٢٧} أي قال أهله من راق يرقيه بالرقاء وأسماء الله الحسنى لنبيه # ومنه قول الشاعر:

  هل للفتى من بنات الدهر من واقي ... أم هل له من حمام الموت من راقي

  ويحتمل أن يكون وجهاً ثانياً أنه قالت الملائكة من راق فيرقى بروحه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ٢٨} أي علم أنه مفارق الدنيا {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ٢٩} أي اتصلت الشدة بالشدة