البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة التطفيف مكية

صفحة 876 - الجزء 2

  قال لبشير الغفاري: «كيف أنت صانع في يوم يقوم فيه الناس مقدار ثلاثمائة سنة لرب العالمين لا يأتيهم فيه خير ولا يؤمرون فيه بأمر؟» قال بشير: المستعان الله ø.

  قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ٧} وهو السجن فعّيل سجينه وفيه مبالغة ... {كِتَابٌ مَرْقُومٌ ٩} أي علم لا يخالطه شك ولا ظن لأن كتاب العمل إذا كان في سجن فصاحبه معه.

  قوله تعالى: {... كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ١٤} أي طبع على قلوبهم بما أصروا عليه من الكبر قال الشاعر:

  وكم ران من ذنب على قلب فاجر ... فتاب من الذنب الذي ران وانجلا

  قوله تعالى: {... كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ١٨} والأبرار المطيعون لله ø النصحاء لخلقه فأعمالهم في عليين وهو أرفع الأمكنة وأعلى الدرجات في الجنة.

  قوله تعالى: {... تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ٢٤} وروينا عن آبائنا $ عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~ أن أهل الجنة يتوضون من أنهارها ويغتسلون فكلما ازدادوا اغتسالاً واستعمالاً ازدادوا نضرة وحسناً {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ} والرحيق الخمر قال حسان:

  يسقون من ورد البريص عليهم ... برداً يصفق بالرحيق السلسل

  وحكي لنا أن الرحيق هي الخالصة من الغش ومن سائر معائب الخمر ومساوئه {مَخْتُومٍ ٢٥ خِتَامُهُ مِسْكٌ} لأنه يمزج بالكافور ويختم بالمسك {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ٢٦} أي فليعمل العاملون