فمنها: حديث الغدير:
  ولأنّ مقدّمة الكلام الذي بدأه النبيّ ÷، وهي قوله: «ألست أوْلى بكم من أنفسكم»، ثمّ عطف عليه بقوله: «من كنت مولاه فعليّ مولاه»، دليلٌ على أنّه لم يرد بذلك غير المعنى الذي قرّرهم عليه دون ما عداه [من] محتملاتها، وأنّه قصد بالمعطوف معنى ماهو معطوف عليه، فصار كأنّه ÷ قال: من كنت أوْلى به من نفسه فعليّ أوْلى به من نفسه.
  توضيح ذلك: ما رويناه مسنداً عن جعفر بن محمّد الصادق # حين سُئل: ما أراد رسول الله ÷ بقوله لعليّ يوم الغدير: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ... الخبر؟
  قال جعفر #: «سُئل عنها والله رسول الله ÷ فقال: الله مولاي أوْلى بي من نفسي لا أمر لي معه، وأنا مولى المؤمنين وأوْلى بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي، ومن كنت مولاه أوْلى به من نفسه لا أمر له معي فعليّ مولاه أوْلى به من نفسه لا أمر له معه».
  وأمّا إنّ الأوْلى هو الأحقّ والأملك: فذلك ظاهر؛ فإنّه لا فرق بينهما من جهة المعنى، ولهذا لا يصحّ أن يقال: فلان أحقّ وأملك وليس بأوْلى، وهو أوْلى وليس بأحقّ ولا أملك، بل يُعدّ ذلك مناقضة من جهة المعنى.
  وأمّا أنّ ذلك معنى الاِمامة: فلما قدّمنا من أنّا لا نعني بقولنا: فلان إمام، إلاّ أنّه يملك التصرّف على الكافّة؛ فثبت بذلك ما رمناه من دلالة الخبر على إمامته #.
  وأمّا قول من قال من المعتزلة بأنّ مقدّمة الحديث، وهي قوله ÷: «ألست أوْلى بكم من أنفسكم» غير ظاهر