شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثالث: ما يقدر فيه حركة واحدة، وهو الفعل المعتل بالواو أو الياء

صفحة 100 - الجزء 1

  وهو المضارع المتّصل بنون الإناث، نحو: (يتربّصن) و (يرضعن)، أو الماضي المتّصل بضمير رفع متحرّك ك «ضربت» و «ضربنا»، أو السّكون أو نائبه وهو الأمر، نحو: «اضرب، واضربا، واضربوا، واضربي، واغز، واخش، وارم».

  وأقول: قد مضى أن الإعراب أثر ظاهر أو مقدّر يجلبه العامل في آخر الكلمة؛ وذكرت هنا أن البناء ضدّ الإعراب؛ فكأنني قلت: ليس البناء أثرا يجلبه العامل في آخر الكلمة، وذلك كالكسرة في «هؤلاء» فإن العامل لم يجلبها بدليل وجودها مع جميع العوامل.

  والبناء: لزوم آخر الكلمة حالة واحدة لفظا أو تقديرا، وذلك كلزوم «هؤلاء» للكسرة، و «منذ» للضمة، و «أين» للفتحة.

  ولما فرغت من تفسيره شرعت في تقسيمه تقسيما غريبا لم أسبق إليه، وذلك أنني جعلت المبنيّ على تسعة أقسام:⁣(⁣١)


= والسؤال الثاني: ما علة بناء ما بني من الأسماء؟ والجواب عن هذا: أن جمهور النحاة يقررون أن علة بناء ما بني من الأسماء منحصرة في مشابهة الاسم للحرف، ويقسمون هذه المشابهة إلى ثلاثة أنواع:

الأول: مشابهة الاسم للحرف في الوضع، بأن يكون على حرف هجائي واحد أو على حرفين كتاء المتكلم ونون النسوة ونا.

النوع الثاني: مشابهة الاسم للحرف في المعنى، بأن يدل الاسم على معنى من المعاني التي حقها أن تؤدى بالحروف، سواء أوضع لهذا المعنى حرف كأسماء الشرط وأسماء الاستفهام أم لم يوضع مثل أسماء الإشارة.

النوع الثالث: مشابهة الاسم للحرف في الاستعمال، بأن ينوب عن الفعل ولا يتأثر بالعوامل كأسماء الأفعال، وبأن يفتقر افتقارا متأصلا إلى جملة كالموصولات.

(١) اعلم أولا أن النحاة جميعا بصريهم وكوفيهم اتفقوا على أن الأصل في الاسم الإعراب، وأنهم اختلفوا في الأصل في الفعل، فذهب البصريون إلى أن الأصل في الفعل البناء، وذهب الكوفيون إلى أن الأصل في الفعل الإعراب، ولبيان دليل كل فريق منهما والسر في اختيار مذهب البصريين في هذه المسألة موضع غير هذا المختصر، فإن شئت فارجع إلى التحقيق البارع الذي أثرناه في كتابنا «عدة السالك لتحقيق أوضح المسالك» ثم اعلم أن الأصل في البناء أن يكون على السكون.

ثم اعلم - بعد هاتين القاعدتين - أن كل ما جاء على أصله لا يسأل عن علته، وكل ما جاء على غير أصله يسأل عن خروجه عما هو الأصل فيه ما سببه، فالاسم المبني يسأل عن علة بنائه، فيقال في الجواب عن هذا السؤال: علة بناء هذا الاسم شبهه بالحرف شبها وضعيّا أو معنويّا أو استعماليّا، ثم إن كان هذا الاسم مبنيّا على السكون لم يسأل عن سر بنائه عليه لأنه هو الأصل في البناء، وإن كان مبنيّا على الفتحة مثلا سئل فيه سؤالان، =