شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

المبني على السكون

صفحة 101 - الجزء 1

  الأول المبنيّ على السكون، وقدمته لأنه الأصل، والثاني المبنيّ على السكون أو نائبه المذكور في الباب السابق، وثنّيت به لأنه شبيه بالسكون في الخفة، والثالث المبنيّ على الفتح وقدمته على المبنيّ على الكسر لأنه أخفّ منه، والرابع المبنيّ على الفتح أو نائبه المذكور في الباب السابق، والخامس المبنيّ على الكسر، وقدمته على المبنيّ على الضم لأنه أخفّ منه، والسادس المبنيّ على الكسر أو نائبه المذكور في الباب السابق⁣(⁣١)، والسابع المبنيّ على الضم، والثامن المبنيّ على الضم أو نائبه، والتاسع ما ليس له قاعدة مستقرة، بل منه ما يبنى على السكون، وما يبنى على الفتح، وما يبنى على الكسر، وما يبنى على الضم، وسأشرحها مفصلة إن شاء الله تعالى شرحا يزيل عنها خفاءها.

  الباب الأول: ما لزم البناء على السكون، وهو نوعان:

  أحدهما: المضارع المتصل بنون الإناث⁣(⁣٢)، كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقاتُ


= الأول: لم كان بناؤه على حركة؟ فيقال في الجواب: للتخلص من التقاء الساكنين، مثلا، والسؤال الثاني: لم كانت الحركة خصوص الفتحة؟ فيقال في الجواب: لأن الفتحة أخف الحركات، مثلا، والفعل المبني على السكون لا يسأل - على مذهب البصريين - عن علة بنائه، ولا عن علة كون بنائه على السكون، والفعل المبني على حركة يسأل عنه سؤالان: لم كان البناء على حركة؟ ولم كانت الحركة خصوص الفتحة، مثلا، وسنتعرض في كل باب من أبواب البناء لذلك.

(١) هذا النوع لا وجود له، ولم يشرحه المؤلف؛ فذكره هنا من باب تتميم مقتضى القسمة العقلية.

(٢) قد علمت أن البصريين لا يسألون في هذا النوع عن علة البناء لأن البناء أصل في الأفعال عندهم، ولا يسألون عن علة كون البناء في هذا النوع على السكون لأن أصل البناء أن يكون على السكون، فأما الكوفيون فيسألون: لم بني الفعل المضارع المتصل بنون النسوة؟ ولم كان البناء على السكون؟ والجواب على هذين السؤالين أنه حمل على الفعل الماضي الذي هو أول الأفعال، فكما تقول «النسوة أرضعن أولادهن» تقول «النسوة يرضعن أولادهن».

لكن يمكن أن يسأل - على مذهب البصريين - فيقال: إن المضارع عندكم معرب لكونه أشبه الاسم في عدة وجوه من أوجه الشبه، ومنها توارد المعاني المختلفة عليه، فلم لم يجر المضارع المتصل بنون النسوة مجرى غيره فيعرب؟ والجواب عن ذلك أن اتصال النون به باعد شبهه بالاسم بسبب كون هذه النون مختصة بالفعل، فكما أن الإضافة علة معارضة للبناء في الاسم يكون لحاق نون النسوة علة معارضة للإعراب في الفعل المضارع، فيرجع به حينئذ إلى ما هو الأصل في الفعل وهو البناء.