شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

العطف على اسم لا مع التكرار

صفحة 122 - الجزء 1

  وإن رفعت الاسم الأول جاز لك في الاسم الثاني وجهان: الفتح والرفع؛ فالأول كقوله في هذا البيت:

  ٣٣ - فلا لغو ولا تأثيم فيها ... وما فاهوا به أبدا مقيم


معطوف على محل اسم لا الأولى، «اتسع» فعل ماض «الخرق» فاعله «على الراقع» جار ومجرور متعلق باتسع.

الشّاهد فيه: قوله «ولا خلة» حيث عطف قوله «خلة» بالنصب على محل اسم لا الأولى المبني على الفتح في محل نصب، وذلك بتقدير أن «لا» الثانية زائدة لتأكيد النفي.

وقال يونس بن حبيب شيخ سيبويه: إن قوله «خلة» اسم لا الثانية وهي عاملة عمل إن؛ فهذا الاسم مبني على الفتح في محل نصب، وهذا التنوين ليس بتنوين التمكين، وإنما هو تنوين الضرورة، وعلى هذا يكون خبر لا الثانية محذوفا يدل عليه خبر لا الأولى، وتقدير الكلام، لا نسب اليوم ولا خلة اليوم، وتكون الواو قد عطفت جملة على جملة، بخلافها على التقدير الأول، فإنها عليه قد عطفت مفردا هو ما بعد لا الثانية على مفرد هو اسم لا الأولى، فافهم هذا كله وتدبره.

٣٣ - هذا بيت من الوافر من كلام أمية بن أبي الصلت، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ١٦٣) وابن عقيل (رقم ١١٣) وهكذا يروي النحاة هذا البيت، وهو عند التحقيق ملفق من بيتين، وصواب الإنشاد هكذا:

فلا لغو ولا تأثيم فيها ... ولا حين، ولا فيها مليم

وفيها لحم ساهرة وبحر ... وما فاهوا به أبدا مقيم

اللّغة: «لغو» هو الباطل، «تأثيم» نسبة إلى الإثم وهو الحرام وما فيه حرج، وتقول «أثم محمد خالدا» أي: نسبه إليه، يريد أن أهل الجنة لا يتكلمون بالباطل، ولا ينسب بعضهم بعضا إلى الإثم، لأنه لا يقع من أحدهم إثم حتى ينسب إليه.

الإعراب: «لا» نافية مهملة لا عمل لها، «لغو» مبتدأ، «ولا» الواو حرف عطف، ولا نافية للجنس «تأثيم» اسم لا، مبني على الفتح في محل نصب، «فيها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وخبر لا محذوف يدل عليه خبر المبتدأ - والتقدير: فلا لغو فيها ولا تأثيم فيها - ويجوز أن يكون المذكور خبر لا، والمحذوف هو خبر المبتدأ، عكس الأول، لكن الأول أولى؛ لما عرفت مرارا من أن الحذف من الثاني لدلالة الأول على المحذوف أولى من الحذف من الأول لدلالة الثاني على المحذوف، وعلى كل حال فجملة لا مع اسمها وخبرها معطوف على جملة المبتدأ والخبر بالواو، «وما» الواو عاطفة: ما: اسم موصول مبتدأ، «فاهوا»