الثاني: اسم الفعل الموازن لفعال كحذار
  وما أحسن قول بعضهم:
  ٣٦ - هي الدّنيا تقول بملء فيها: ... حذار حذار من بطشي وفتكي
  فلا يغرركم منّي ابتسام ... فقولي مضحك والفعل مبكي
نعاء ابن ليلى للسّماحة والنّدى ... وأيدي شمال باردات الأنامل
يريد انع ابن ليلى: أي اذكر خبر موته والفجيعة فيه للسماحة والكرم، يريد أنه كان أهل هذين الخلقين الكريمين، وبموته يموتان.
٣٦ - هذان بيتان من الوافر، وهما مشهوران يدوران على كل لسان، وهما من قصيدة لأبي الفرج الساوي أحد كتاب الصاحب بن عباد يرثي فيها فخر الدولة، وقد أنشدها الثعالبي في كتابه يتيمة الدهر (٣/ ٣٣٩ بتحقيقنا) وذكر المؤلف لهما ليس على سبيل الاستدلال، ولكن للتمثيل؛ لأن أبا الفرج قائلهما ليس ممن يحتج بكلامه عند النحويين.
الإعراب: «هي» ضمير الشأن، وهو مبتدأ، مبني على الفتح في محل رفع، «الدنيا» مبتدأ ثان، مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، «تقول» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول الذي هو ضمير الشأن، «بملء» جار ومجرور متعلق بتقول، وملء مضاف، وفي من «فيها» مضاف إليه مجرور بالياء نيابة عن الكسرة لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف وضمير الغائبة العائد إلى الدنيا مضاف إليه، «حذار» اسم فعل أمر بمعنى احذر، مبني على الكسر لا محل له من الإعراب وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، «حذار» مثل سابقه، والجملة تأكيد للجملة السابقة، «من بطشي» الجار والمجرور متعلق بحذار، وبطش مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «وفتكي» معطوف بالواو على بطش، «فلا» الفاء حرف دال على التفريع، لا: ناهية، «يغرركم» يغرر: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وضمير جماعة المخاطبين مفعول به ليغرر، «مني» جار ومجرور متعلق بيغرر، «ابتسام» فاعل يغرر، «فقولي» الفاء دالة على السببية، قول: مبتدأ، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «مضحك» خبر المبتدأ، «والفعل» الواو عاطفة، والفعل: مبتدأ «مبك» خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر معطوفة على جملة المبتدأ والخبر السابقة.
التمثيل به: في قوله «حذار حذار» فإن كل واحد منهما اسم فعل أمر بمعنى احذر، وهو مأخوذ من مصدر فعل ثلاثي تام - وهو «حذر يحذر» - وقد بناه على الكسر، على نحو ما بيناه في الشواهد السابقة.