يجوز في المنادى أن يفتح فتحة إتباع بشروط
  ٥٩ - أبى الله للشّمّ الألآء كأنّهم ... سيوف أجاد القين يوما صقالها
  ومثال ما بني منها على الضم: ذات بمعنى التي، وذلك في لغة طيئ وحكى الفرّاء أنه سمع بعض السّؤّال يقول في المسجد الجامع: «بالفضل ذو فضّلكم الله به والكرامة ذات أكرمكم الله به» بضم ذات مع أنها صفة للكرامة: أي أسألكم بالفضل، وقوله «به» بفتح الباء، وأصله «بها» فحذفت الألف، ونقلت فتحة الهاء إلى الباء بعد تقدير سلب كسرتها.
٥٩ - هذا بيت من الطويل من كلام كثير بن عبد الرحمن، وهو المعروف بكثير عزة.
اللّغة: «الشم» بالضم - جمع أشم، مأخوذ من الشمم - بفتح الشين والميم جميعا - وهو استواء قصبة الأنف مع ارتفاع يسير في أرنبته، والعرب تعد ذلك من علامات السؤدد في الرجال، انظر إلى قول حسان بن ثابت يمدح بني جفنة:
بيض الوجوه، كريمة أحسابهم ... شمّ الأنوف، من الطّراز الأوّل
«القين» الحداد، «صقالها» أراد صنعتها، وإجادته إياه معناه إحسانها وإحكامها.
المعنى: يصف قوما بأن الله تعالى عصمهم من فعل السوء، وجنبهم صفات الشر؛ فيقول: لقد أبى الله تعالى لهؤلاء الناس ذوي السؤدد والمكارم أن يأتوا منكرا، أو يفعلوا فعلا يلامون عليه.
الإعراب: «أبى الله» فعل ماض وفاعله، والمفعول محذوف، والتقدير أبى الله فعل الشر، «للشم» جار ومجرور متعلق بأبي، «الألاء» اسم موصول بمعنى الذين صفة للشم، مبني على الكسر في محل جر، «كأنهم» كأن: حرف تشبيه ونصب، والضمير اسمه، «سيوف» خبر كأن، والجملة من كأن واسمه وخبره لا محل لها من الإعراب صلة الألاء، «أجاد» فعل ماض «القين» فاعل أجاد، «يوما» ظرف زمان منصوب بأجاد، «صقالها» صقال: مفعول به لأجاد، وهو مضاف والضمير مضاف إليه، والجملة من أجاد وفاعله ومفعوله في محل رفع صفة لسيوف.
الشّاهد فيه: قوله «الألاء» فإنه اسم موصول بمعنى الذين، وهو مبني على الكسر والدليل على أنه استعمله بمعنى الذين شيئان: أولهما أن الموصوف به جمع تكسير لمذكر وهو الشم؛ لأنه جمع أشم، والثاني تعبيره في الصلة بضمير المذكرين وذلك في قوله «كأنهم سيوف» وأنت تعرف أن الضمير العائد من جملة الصلة يجب أن يطابق الموصول الموضوع لمعنى هو نص فيه: في تذكيره وتأنيثه، وفي إفراده وتثنيته وجمعه.