شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

لا بد للضمير من مفسر يبين المراد به

صفحة 170 - الجزء 1

  والرابع: مجرور «ربّ» نحو: «ربّه رجلا» فإنه مفسّر بالتمييز، قطعا.

  والخامس: الضمير في التنازع إذا أعملت الثاني واحتاج الأول إلى مرفوع، نحو: «قاما وقعد أخواك» فإن الألف راجعة إلى الأخوين.

  والسادس: الضمير المبدل منه ما بعده، كقولك في ابتداء الكلام «ضربته زيدا» وقول بعضهم: «اللهمّ صلّ عليه الرّؤف الرّحيم».

  والسابع: الضمير المتصل بالفاعل المقدّم العائد على المفعول المؤخر، وهو ضرورة على الأصح، كقوله:

  ٦٦ - جزى ربّه عنّي عديّ بن حاتم ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل

  فأعيد الضمير من «ربّه» إلى «عدىّ» وهو متأخر لفظا ورتبة.


٦٦ - هذا بيت من الطويل، وقد اختلفوا في نسبة هذا البيت؛ فقال قوم: هو لأبي الأسود الدؤلي يهجو عدي بن حاتم الطائي، وقال آخرون: للنابغة - أي الجعدي - وقال قوم: لعبد الله بن همارق، ولعله قد روى لكل واحد من هؤلاء جميعا؛ فإنه قد روى بروايات مختلفة، مما يجوز معه أنه قد وقع في شعر أكثر من واحد، وقد أنشد هذا البيت المؤلف في أوضحه (رقم ٢٢٠)، وابن عقيل (رقم ١٥٣)، والأشموني في باب الفاعل (رقم ٢٨٠).

الإعراب: «جزى» فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف لا محل له من الإعراب، «ربه» فاعل جزى مرفوع بالضمة الظاهرة، ورب مضاف والضمير الموضوع للغائب العائد على عدي مضاف إليه، «عني» جار ومجرور متعلق بجزى، «عدي» مفعول به لجزى، منصوب بالفتحة الظاهرة «ابن» صفة لعدي، وصفة المنصوب منصوبة، وابن مضاف، و «حاتم» مضاف إليه، «جزاء» مفعول مطلق عامله جزى، وجزاء مضاف، و «الكلاب» مضاف إليه «العاويات» صفة للكلاب، «وقد» الواو واو الحال، وقد: حرف تحقيق، «فعل» فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وسكن لأجل الوقف، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى رب، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب حال.

الشّاهد فيه: قوله «ربه عدي بن حاتم» حيث أعاد الضمير من الفاعل المتقدم على المفعول المتأخر، فكان هذا الضمير عائدا على متأخر في اللفظ وفي الرتبة جميعا؛ أما تأخره في اللفظ فظاهر، وأما تأخره في الرتبة فلأن رتبة المفعول الذي عاد الضمير عليه أن يتأخر في الكلام عن الفاعل الذي اتصل الضمير به.