شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

يجب ثبوت أل في موضعين: الأول فاعل نعم، والثاني: نعت اسم الإشارة أو أي في النداء

صفحة 184 - الجزء 1

  والثانية: أن يكون الاسم نعتا: إما لاسم الإشارة نحو {ما لِهذَا الْكِتابِ}⁣[الكهف - ٤٩] {ما لِهذَا الرَّسُولِ}⁣[الفرقان، ٧] وقولك: «مررت بهذا الرّجل» أو نعت «أيها» في النداء، نحو {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ}⁣[المائدة - ٦٧] {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ}⁣[الانفطار، ٦]، ولكن قد تنعت «أيّ» باسم الإشارة كقولك «يا أيّهذا»⁣(⁣١)، والغالب حينئذ أن تنعت الإشارة كقوله:

  ٧١ - ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي؟

  وقد لا تنعت كقوله:


فواضح، وأما تأخره رتبة فإن من البديهي أن رتبة التمييز متأخرة عن رتبة الفاعل؛ لأن كل فعل يحتاج ألبتة إلى فاعل، والأصل فيه أن يتصل بالفعل، والغالب أن الكلام لا يحتاج إلى التمييز، ولكن هذا الموضع مما يغتفر فيه عود الضمير على المتأخر على نحو ما علمت مما سبق، وشيء آخر يوضح لك هذا، وهو أن الفاعل عمدة، والتمييز فضلة، بدليل أن الفاعل مرفوع وهو جزء من الجملة، والتمييز منصوب وليس جزءا من الجملة.

وفي البيت شاهد آخر: وذلك في قوله «إلا وكان لمرتاع بها وزرا» وذلك حيث اقترنت جملة الحال الماضوية الواقعة بعد إلا بالواو، والمستعمل الكثير في اللسان أن تجيء جملة الحال - إذا كانت بهذه المثابة - غير مقترنة بالواو.

٧١ - هذا بيت من الطويل، وهو من معلقة طرفة بن العبد البكري أحد شعراء الجاهلية، وهو من شواهد ابن عقيل (رقم ٣٢٩).

اللّغة: «الزاجري» الذي يزجرني ويكفني ويمنعني، «الوغى» هو في الأصل الأصوات والجلبة، ثم استعملوه في الحرب والقتال لما فيهما من الأصوات، «مخلدي» أراد هل تضمن لي البقاء بزجرك إياي ومنعك لي من منازلة الأقران؟

الإعراب: «ألا» أداة استفتاح وتنبيه، «أيهذا» أي: منادى بحرف نداء محذوف مبني على الضم في محل نصب، وها: حرف تنبيه، وذا: اسم إشارة نعت لأيّ، مبني على السكون في


(١) اعلم أن «يا» إذا نعتت بمذكر فإن لفظها يذكر، كما في الآيتين اللتين تلاهما المؤلف، وإذا نعتت بمؤنث فإن لفظها يؤنث، كما في قوله تعالى: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}⁣[سورة الفجر، ٢٧]، وكما في قول أوس بن حجر:

أيّتها النّفس أجملي جزعا ... إنّ الّذي تحذرين قد وقعا