شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثاني: نائب الفاعل

صفحة 190 - الجزء 1

  عليه، ولا بد من هذا القيد؛ لأن به يتميز الفاعل من المبتدأ.

  وقولي «أسند إليه» مخرج لنحو «زيدا» في قولك «ضربت زيدا» و «أنا ضارب زيدا»؛ فإنه يصدق عليه فيهما أنه قدّم عليه فعل أو شبهه، ولكنهما لم يسندا إليه.

  وقولي «على جهة قيامه به أو وقوعه منه» مخرج لمفعول ما لم يسمّ فاعله، نحو: «ضرب زيد» و «عمرو مضروب غلامه» فزيد والغلام وإن صدق عليهما أنهما قدم عليهما فعل وشبهه وأسندا إليهما، لكن هذا الإسناد على جهة الوقوع عليهما، لا على جهة القيام به كما في قولك: علم زيد، أو الوقوع منه كما في قولك: ضرب عمرو.

  ومثّلت لما أسند إليه شبه الفعل بقوله تعالى: {مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ}⁣[فاطر، ٢٨] فألوانه: فاعل لمختلف؛ لأنه اسم فاعل؛ فهو في معنى الفعل، والتقدير: وصنف مختلف ألوانه، أي يختلف ألوانه، فحذف الموصوف وأنيب الوصف عن الفعل، وقوله تعالى: {كَذلِكَ} أي: اختلافا كالاختلاف المذكور في قوله تعالى: {وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ}⁣[فاطر، الآية ٢٧].

  ثم قلت: الثاني نائبه، وهو: ما حذف فاعله، وأقيم هو مقامه⁣(⁣١)، وغيّر عامله إلى طريقة فعل أو يفعل أو مفعول، وهو المفعول به، نحو {وَقُضِيَ الْأَمْرُ} وإن فقد فالمصدر نحو {فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}


(١) الأغراض التي يحذف من أجلها الفاعل على نوعين: الأول أغراض لفظية أي راجعة إلى اللفظ المتكلم به، والثاني أغراض معنوية.

وأهم الأغراض اللفظية ثلاثة أغراض:

الأول: رغبة المتكلم في إيجاز العبارة، أي أن يأتي بها مختصرة من غير تعقيد، ومن أفصح أمثلة ذلك قوله تعالى {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ.}

الثاني: رغبة المتكلم في أن يحافظ على السجع في الكلام المنثور، ومثاله قولهم «من طابت سريرته حمدت سيرته» فإنه لو قيل في هذه العبارة «حمد الناس سيرته» لتغيرت حركة إعراب الفاصلة الثانية فلم توافق حركة إعراب الفاصلة الأولى.

الثالث: رغبة المتكلم في المحافظة على الوزن في الكلام المنظوم نحو قول الأعشى:

علّقتها عرضا وعلّقت رجلا ... غيري، وعلّق أخرى غيرها الرّجل

وأهم الأغراض المعنوية سبعة أغراض: =