شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

للفاعل ونائبه خمسة أحكام

صفحة 202 - الجزء 1

  وأما قوله تعالى: {إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ}⁣[الممتحنة، ١٢]، فإنما جاز لأجل الفصل بالمفعول، أو لأن الفاعل في الحقيقة «أل» الموصولة، وهي اسم جمع؛ فكأنه قيل: اللّاتي آمنّ، أو لأن الفاعل اسم جمع محذوف موصوف بالمؤمنات: أي النسوة اللاتي آمنّ⁣(⁣١).

  وأما التأنيث الراجح ففي مسألتين أيضا:

  إحداهما: أن يكون الفاعل ظاهرا متصلا مجازيّ التأنيث، كقولك: طلعت الشمس، وقوله تعالى: {وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ}⁣[الأنفال ن ٣٥] {فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ}⁣[النمل - ٥١] {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}⁣[القيامة - ٩].

  والثانية: أن يكون ظاهرا حقيقيّ التأنيث منفصلا بغير «إلا» كقولك: قام اليوم هند، وقامت اليوم هند، وكقوله:

  ٧٩ - إنّ امرأ غرّه منكنّ واحدة ... بعدي وبعدك في الدّنيا لمغرور


اللفظ، فيلزم على اعتبار الفعل ماضيا أن يكون البيت شاذّا، لأنه لم يؤنث الفعل المسند إلى اسم ظاهر متصل حقيقي التأنيث، ويلزم على اعتبار الفعل مضارعا جريان البيت على المستعمل المطرد، وهذا الاعتبار أولى بالاعتبار، لأنه لا يجوز التخريج على الشاذ أو الضرورة ما أمكن غيره.

٧٩ - هذا بيت من البسيط، وقد بحثت طويلا عن هذا البيت فلم أجد أحدا نسبه إلى قائل معين، والبيت قد استشهد به الأشموني (رقم ٣٦٥) وابن الناظم في باب الفاعل.

الإعراب: «إن» حرف توكيد ونصب، «امرأ» اسم إن، «غره» غر: فعل ماض، والهاء ضمير غائب عائد إلى امرئ، مفعول به، «منكن» جار ومجرور متعلق بغر، أو هو متعلق بمحذوف حال من واحدة الآتي، «واحدة» فاعل غر، وجملة الفعل والفاعل في محل نصب صفة لقوله امرأ، «بعدي» بعد: ظرف متعلق بغر، وبعد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «وبعدك» هذا الظرف معطوف بالواو على الظرف السابق والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه، «في الدنيا» جار ومجرور متعلق إما بقوله مغرور الآتي، وإما بمحذوف صفة لامرئ، والأخير أولى عندنا من جهة المعنى، «لمغرور» اللام هي اللام المزحلقة، مغرور: خبر إن التي في أول البيت.


(١) أنت تعلم أن كل ما يدل على معنى الجمع يحتمل أن يؤول بالجماعة فيكون مؤنث المعنى، ويحتمل أن يؤول بالجمع فيكون مذكر المعنى. =