ثانيها «لا» ولعملها هذا العمل أربعة شروط
  وربما عملت في اسم معرفة، كقوله:
  ٩٣ - أنكرتها بعد أعوام مضين لها ... لا الدّار دارا ولا الجيران جيرانا
  وعلى ذلك قول المتنبي:
  ٩٤ - إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى ... فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
«قضى الله» فعل وفاعل، والجملة لا محل لها صلة الموصول، والعائد ضمير منصوب بقضى محذوف، والتقدير: مما قضاه الله، «واقيا» خبر لا، وجملة لا الثانية مع اسمها وخبرها معطوفة بالواو على جملة لا الأولى واسمها وخبرها.
الشّاهد فيه: قوله «لا شيء باقيا» وقول «لا وزر واقيا» حيث أعمل لا النافية عمل ليس في الموضعين؛ فرفع بها الاسم ونصب الخبر، واسمها وخبرها نكرتان في الموضعين جميعا.
٩٣ - هذا بيت من البسيط، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين.
اللّغة: «أنكرتها» أراد لم أعرفها بسبب دثور آياتها وانمحاء العلامات الدالة عليها، «أعوام» جمع عام، «مضين لها» أراد مررن على رؤيتي لها.
المعنى: يصف دارا كان يلقى أحبابه فيها قبل مضي أعوام بأنه لما مر بها لم يعرفها لتغيرها وذهاب معارفها.
الإعراب: «أنكرتها» فعل ماض، فاعله ضمير المتكلم، وضمير الغائبة مفعول به، «بعد» ظرف زمان منصوب على الظرفية، عامله أنكر، وبعد مضاف و «أعوام» مضاف إليه، «مضين» فعل وفاعل، والجملة في محل جر صفة لأعوام «لها» جار ومجرور متعلق بمضى، «لا» نافية عاملة عمل ليس، «الدار» اسم لا مرفوع بها، «دارا» خبر لا منصوب بها، «ولا» الواو عاطفة، لا: نافية أيضا، «الجيران» هو اسم لا هذه مرفوع بها، «جيرانا» خبر لا منصوب بها، وجملة لا الثانية مع اسمها وخبرها معطوفة على جملة لا الأولى واسمها وخبرها.
الشّاهد فيه: قوله «لا الدار دارا» وقوله «لا الجيران جيرانا» حيث أعمل لا في الموضعين عمل ليس مع أن اسمها في الموضعين معرفة؛ إذ هو محلى بأل، والمؤلف ههنا قد جعل عملها في هذه الحال قليلا، وفي كتابه القطر جعله غير جائز، وحكم على المتنبي بأنه أخطأ في بيته الآتي (رقم ٩٤)، وسنذكر هذا الكلام بإيضاح في شرحه.
٩٤ - هذا بيت من الطويل من كلام أبي الطيب المتنبي، وهو شاعر من شعراء الدولة العباسية فلا يحتج بشعره، ولكن المؤلف أنشده على سبيل التمثيل، وليبين أنه مشابه للبيت السابق، وقد أنشده في كتابه القطر (رقم ٦٤).