شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

رابعها «لات» في الحين أو الساعة أو الأوان

صفحة 228 - الجزء 1

  وإعمال «إن» هذه لغة أهل العالية⁣(⁣١).

  وأما «لات» فإنها تعمل هذا العمل أيضا، ولكنها تختص عن أخواتها بأمرين:

  أحدهما: أنها لا تعمل إلا في ثلاث كلمات، وهي «الحين» بكثرة، و «الساعة» و «الأوان» بقلة.

  والثاني: أن اسمها وخبرها لا يجتمعان، والغالب أن يكون المحذوف اسمها والمذكور خبرها، وقد يعكس.

  فالأول كقوله تعالى: {كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ}⁣[ص - ٣].

  الواو للحال و (لا) نافية بمعنى ليس، والتاء زائدة لتوكيد النفي والمبالغة فيه، كالتاء في راوية، أو لتأنيث الحرف، واسمها محذوف، و {حِينَ مَناصٍ} خبرها، ومضاف إليه، أي: فنادوا والحال أنه ليس الحين حين مناص، أي: فرار وتأخير.

  والثاني كقراءة بعضهم {مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ}⁣[ص، ٣] بالرفع،


لاضطراب كلمة ابن مالك صاحب الألفية في كتبه، على وفق ما ذكره ابن عقيل في شرحه على الألفية، ووفق ما ذكره الأشموني أيضا، فإنهما قالا: إن ابن مالك أجاز في شرح التسهيل القياس على مجيء اسم لا معرفة، وحكم في كتابه شرح الكافية بشذوذه، وتأول ما جاء عن العرب مما ظاهره ذلك، ونحن نقول: إن ابن مالك لم تضطرب كلمته في هذا الموضع، بل كلامه في عامة كتبه على أن مجيء اسم لا النافية العاملة عمل ليس معرفة شاذ، ومع هذا فإنا نرجح أنه ليس بشاذ، بل هو قليل، على ما هو مذهب ابن جني وابن الشجري وارتضاه أبو حيان من بعدهم جميعا، ويدل لذلك أنه قد جاء في جملة صالحة من الشعر، فمنها البيت الذي أنشده المؤلف، ومنها قول النابغة الجعدي:

وحلّت سواد القلب، لا أنا بانيا ... سواها، ولا عن حبّها متراخيا


(١) العالية - بالعين المهملة - المراد بها ما فوق نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة وما والاها، وقد اختلف النحاة في جواز إعمال «إن» النافية؛ فذهب أكثر الكوفيين والكسائي وأبو بكر وأبو علي وأبو الفتح إلى جواز إعمالها، وذهب أكثر البصريين والفراء إلى المنع، ونقل السهيلي أن سيبويه يجيز إعمالها والمبرد لا يجيزه، ونقل النحاس عنهما عكس ما نقله السهيلي، ونقل ابن مالك عنهما القول بجواز إعمالها.