شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

رابعها «لات» في الحين أو الساعة أو الأوان

صفحة 229 - الجزء 1

  أي: وليس حين مناص حينا موجودا لهم عند تناديهم ونزول ما نزل بهم من العذاب.

  ومن إعمالها في «الساعة» قول الشاعر:

  ٩٥ - ندم البغاة ولات ساعة مندم ... والبغي مرتع مبتغيه وخيم

  وفي «الأوان» قوله:

  ٩٦ - طلبوا صلحنا ولات أوان ... فأجبنا أن ليس حين بقاء


٩٥ - هذا بيت من الكامل، وقد نسبوا هذا الشاهد لرجل من طيئ، ولم يعينوه، وقال العيني: قائله محمد بن عيسى بن طلحة بن عبد الله التيمي، ويقال: مهلهل بن مالك الكناني، وقد أنشده الأشموني (رقم ٢٢٨).

اللّغة: «البغاة» جمع باغ، وهو الذي يتجاوز قدره، «مندم» مصدر ميمي بمعنى الندم، «مرتع» اسم مكان من رتع في المكان - من باب فتح - إذا جعله ملهى، وأصل الرتع أن تأكل الماشية ما شاءت، ثم استعير للإنسان، وفي القرآن الكريم في قصة يوسف: {أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ.}

الإعراب: «ندم البغاة» فعل وفاعل، «ولات» الواو واو الحال، لات: حرف نفي يعمل عمل ليس، واسمه محذوف، «ساعة» خبر لات، وساعة مضاف، و «مندم» مضاف إليه، والجملة من لات واسمه وخبره في محل نصب حال، «البغي» الواو للاستئناف، والبغي مبتدأ أول، «مرتع» مبتدأ ثان، مرتع مضاف ومبتغى من «مبتغيه» مضاف إليه، ومبتغي مضاف وضمير الغائب العائد إلى البغي مضاف إليه، «وخيم» خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.

الشّاهد فيه: قوله «ولات ساعة مندم» حيث أعمل لات في لفظ دال على الزمان، وهو ساعة، ولم يعمله في لفظ الحين، وللعلماء في إعمال لات رأيان: أحدهما أنها لا تعمل إلا في لفظ الحين، والثاني أنها تعمل فيه وفيما رادفه من الساعة والأوان ونحوهما.

ومثل بيت الشاهد ما أنشده ابن السكيت في كتاب الأضداد:

ولتعرفنّ خلائقا مشمولة ... ولتندمنّ ولات ساعة مندم

٩٦ - هذا بيت من الخفيف من كلمة لأبي زبيد الطائي، وكان رجل من شيبان اسمه المكاء نزل برجل من طيئ، فأضافه وسقاه خمرا، فلما سكر وثب إليه الشيباني بالسيف فقتله، وفخر بذلك شيبان، وفي هذه الحالة يقول أبو زبيد كلمته التي أولها قوله:

خبّرتنا الرّكبان أن فرحتم ... وفخرتم بضربة المكّاء