شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثاني من المنصوبات: المفعول المطلق

صفحة 249 - الجزء 1

  في النداء: من التزام البناء على الضمة، وتأنيثها مع المؤنث، والتزام إفرادها؛ فلا تثنى ولا تجمع باتفاق، ومفارقتها للإضافة لفظا وتقديرا، ولزوم «ها» التنبيه بعدها، ومن وصفها باسم معرّف بأل لازم الرفع، مثال ذلك «أنا أفعل كذا أيّها الرّجل» و «اللهمّ اغفر لنا أيّتها العصابة» المعنى: أنا أفعل كذا مخصوصا من بين الرجال، واللهم اغفر لنا مختصّين من بين العصائب.

  ويقلّ تعريفه بالعلمية، ففي «بك الله نرجو الفضل» شذوذان: كونه بعد ضمير مخاطب، وكونه علما⁣(⁣١).

  ومن المحذوف عامله: المنصوب بالزم، ويسمى إغراء.

  والإغراء: تنبيه المخاطب على أمر محمود ليلزمه، نحو:

  ١٠٦ - أخاك أخاك إنّ من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح


١٠٦ - هذا بيت من الطويل، وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ١٢٩) وقد نسبه الأعلم إلى إبراهيم بن هرمة القرشي، وليس كما ذكر، بل هو من كلمة لمسكين الدارمي، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٤٨٥) وفي القطر (رقم ١٣٣) وأنشده ابن عبد ربه في العقد (٢ - ٣٠٤ اللجنة) مع بيت آخر، ولم ينسبهما، وانظر الأغاني (١٨ - ٦٠ بولاق) وخزانة الأدب (١ - ٤٦٦ بولاق).

الإعراب: «أخاك» أخا: مفعول به لفعل محذوف وجوبا تقديره: الزم أخاك، وأخا مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه، «أخاك» تأكيد للأول، «إن» حرف توكيد ونصب، «من» اسم موصول بمعنى الذي اسم إن، «لا» نافية للجنس «أخا» اسم لا، مبني على فتح مقدر على الألف، منع من ظهوره التعذر، «له» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لا، وفي هذا التعبير كلام طويل وخلافات كثيرة لا نرى أن نذكر شيئا منها في هذه العجالة، وقد اخترنا لك أقرب الأعاريب إلى


(١) اختلف النحاة في إعراب «أيها» و «أيتها» في الاختصاص؛ فذهب الجمهور إلى أنهما مبنيان على الضم في محل نصب بفعل محذوف وجوبا كما ذكره المؤلف، وتقدير: أخص، وذهب الأخفش إلى أنهما مناديان بحرف نداء محذوف، والتقدير: يا أيها، ويا أيتها، وليس ببدع أن ينادي الإنسان نفسه، كما لا يستنكر أن يخاطب الإنسان نفسه، فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: «كل الناس أفقه منك يا عمر» وذهب السيرافي إلى أن «أيها» أو «أيتها» مبتدأ خبره محذوف، والتقدير: أيها الرجل المخصوص أنا، أو خبر مبتدأ محذوف.