وجوه اتفاق الحال والتمييز، ووجوه افتراقهما
  في نظائرها قياسيّ، وقد مضى ذلك في باب المبتدأ(١)، فقس عليه هنا.
  ثم قلت: الثّامن التّمييز، وهو: اسم، نكرة، فضلة، يرفع إبهام اسم، أو إجمال نسبة.
  فالأوّل بعد العدد الأحد عشر فما فوقها إلى المائة، و «كم» الاستفهاميّة، نحو «كم عبدا ملكت»، وبعد المقادير، ك «رطل زيتا» وك «شبر أرضا» و «قفيز برّا» وشبههنّ، من نحو: {مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً} و «نحى سمنا» و «مثلها زبدا» و «موضع راحة سحابا» وبعد فرعه نحو «خاتم حديدا».
  والثّاني إما محوّل عن الفاعل، نحو {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} أو عن المفعول، نحو {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً} أو عن غيرهما، نحو {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً} أو غير محوّل، نحو «لله درّه فارسا».
  وأقول: الثامن من المنصوبات: التمييز.
  وهو والتفسير والتبيين ألفاظ مترادفة لغة واصطلاحا، وهو في اللغة بمعنى فصل الشيء عن غيره، قال الله تعالى: {وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}[يس - ٥٩] أي: انفصلوا من المؤمنين {تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}[الملك - ٨] أي ينفصل بعضها من بعض.
  وهو في الاصطلاح مختص بما اجتمع فيه ثلاثة أمور، وهي المذكورة في المقدمة.
  وفهم مما ذكرته في حدّي الحال والتمييز أن التمييز وإن أشبه الحال: في كونه منصوبا، فضلة، مبينا لإبهام، إلا أنه يفارقه في أمرين(٢):
الشّاهد فيه: قوله «سودا» على رواية النصب في بعض تخريجاتها؛ فإنه حال صاحبه نكرة محضة، وهو قوله حلوبة، وذلك - كما لا يخفى عليك بعد الذي ذكرناه في إعراب البيت، وبعد ما ذكره المؤلف - أحد ثلاثة أوجه في تخريج هذه الكلمة على هذه الرواية.
(١) ارجع إلى ذلك في صفحة ٢١١ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٢) يتفق الحال والتمييز في خمسة أمور، وهي: كون كل منهما اسما، نكرة، فضلة، مبينّا، منصوبا، ويفترقان في خمسة أمور إجمالا، الأول أن الحال تبين الهيئة، والتمييز يبين إبهام ذات أو نسبة، والثاني أن الحال =