شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

التمييز على نوعين، وكل منهما على أربعة أقسام

صفحة 279 - الجزء 1

  أحدهما: أن الحال إنما يكون وصفا إما بالفعل أو بالقوة، وأما التمييز فإنه يكون بالأسماء الجامدة كثيرا، نحو «عشرون درهما» و «رطل زيتا» وبالصفات المشتقة قليلا، كقولهم: «لله درّه فارسا» و «لله درّه راكبا».

  الثاني: أن الحال لبيان الهيئات، والتمييز يكون تارة لبيان الذّوات، وتارة لبيان جهة النسبة.

  وقسّمت كلّا من هذين النوعين أربعة أقسام:

  فأما أقسام التمييز المبين للذات فأحدها: أن يقع بعد الأعداد، وقسمت العدد إلى قسمين: صريح، وكناية.

  فالصريح الأحد عشر فما فوقها إلى المائة، تقول: «عندي أحد عشر عبدا» و «تسعة وتسعون درهما» وقال الله تعالى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً}⁣[يوسف - ٤] {وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً}⁣[المائدة - ١٢] {وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}⁣[الأعراف - ١٤٢] {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً}⁣[العنكبوت - ١٤] {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً}⁣[المجادلة - ٤] {ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً}⁣[الحاقة - ٢٢] {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً}⁣[النور - ٤] {إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}⁣[ص، ٢٣]، وفي الحديث «إن لله تسعة وتسعين اسما» وأردت بقولي «إلى المائة» عدم دخول الغاية في المغيّا، وهو أحد احتمالي حرف الغاية.

  والكناية هي «كم» الاستفهامية، تقول: كم عبدا ملكت؟ فكم مفعول مقدم، وعبدا: تمييز واجب النصب والإفراد، وزعم الكوفي أنه يجوز جمعه فتقول: كم عبيدا ملكت، وهذا لم يسمع، ولا قياس يقتضيه، ويجوز لك جر تمييز كم الاستفهامية؛ وذلك مشروط بأمرين؛ أحدهما: أن يدخل عليها حرف جر، والثاني: أن يكون تمييزها إلى جانبها، كقولك: بكم درهم اشتريت؟ وعلى كم شيخ


= يجيء اسما صريحا ويجيء ظرفا أو جارا ومجرورا ويجيء جملة، أما التمييز فلا يكون إلا اسما صريحا، والثالث أن معنى الكلام قد يكون باطلا بدون الحال، أما التمييز فلا يكون بهذه المنزلة، والرابع أن الأصل في الحال أن يكون مشتقا والأصل في التمييز أن يكون جامدا، والخامس أن الحال قد يكون مؤكدا لعامله أو لصاحبه والتمييز لا يكون مؤكدا.