شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الحادي عشر: خبر كاد وأخواتها

صفحة 292 - الجزء 1

  القسم الثاني: ما الغالب اقترانه بها، وهو عسى وأوشك⁣(⁣١)، مثال ذكر «أن» قول الله تعالى: {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ}⁣[الإسراء، ٨]، وقول الشاعر:

  ١٢٧ - ولو سئل النّاس التّراب لأوشكوا ... إذا قيل هاتوا - أن يملّوا فيمنعوا


مضاف و «شمس» مضاف إليه، «فحرى» الفاء واقعة في جواب الشرط، حرى: فعل ماض ناقص «أن» حرف مصدري ونصب، «يكون» فعل مضارع تام منصوب بأن، وفيه ضمير مستتر هو فاعله، وأن مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر حرى «ذاك» ذا: اسم إشارة اسم حرى، مبني على السكون في محل رفع، والكاف حرف خطاب، «وكانا» الواو عاطفة، وكان: فعل ماض تام، وفاعله ضمير مستتر فيه، والألف للإطلاق.

الشّاهد فيه: قوله «حرى أن يكون ذاك» حيث استعمل حرى فعلا دالّا على الرجاء، وجاء بخبره مضارعا مقرونا بأن، والمؤلف يرد بهذا على من أنكر ثبوت هذا الفعل.

ويقول أبو رجاء عفا الله عنه: إن في دلالة هذا البيت مقالا؛ فإنه لم يثبت في ديوان الأعشى الذي رواه وشرحه أبو العباس ثعلب، وأيضا فبعد تسليم ثبوته لا يكون نصّا فيما زعمه المؤلف؛ لجواز أن يكون «حرى» اسما منونا أيضا، وهو خبر مقدم، و «أن يكون» في تأويل مصدر هو مبتدأ مؤخر، فإن قلت: فالرواية عند هؤلاء بغير تنوين، قلت: لا يبعد أن يكون حذف التنوين على نية الوقف كما يقولون، والحاصل أن النفس غير مطمئنة إلى الاستدلال بهذا البيت.

١٢٧ - هذا بيت من الطويل، وهو من الشواهد التي لم أقف لها على نسبة إلى قائل معين، وقد ذكره المؤلف في أوضحه (رقم ١٢٣) وابن عقيل (رقم ٩٠) وأنشده ثعلب في أماليه (٢/ ٣٦٥) ولم ينسبه، والأشموني (رقم ٢٣٨)، وقبل بيت الشاهد قوله:


(١) الذي ذكره المؤلف - من أن الغالب في المضارع الواقع خبرا لعسى أن يقترن بأن المصدرية، وغير الغالب أن يتجرد منها - هو مذهب سيبويه، وهو الذي اختاره العلامة ابن مالك في الألفية، وذهب جمهور البصريين إلى أن تجرد المضارع الواقع خبرا لعسى من أن المصدرية خاص بضرورة الشعر، وهذا المذهب هو الموافق للقياس، وهو الذي ينطبق على التعليل الذي ذكرناه في وجوب اقتران خبر حرى واخلولق بأن المصدرية؛ فإن عسى فعل دال على الرجاء مثلهما، وأما أوشك فلكونها تأتي أحيانا للدلالة على الرجاء فتكون مثل عسى، وأحيانا تأتي للدلالة على مقاربة حصول الخبر - وهذا المعنى الثاني هو الذي ذكره المؤلف فيها - لم تصر بمنزلة فعل الرجاء حتى يتعين في خبرها أن يقترن بأن المصدرية، ولو أنه لوحظ فيها أحد المعنيين بخصوصه لما كان ذلك حكمها؛ فلو لوحظ دلالتها على المقاربة لترجح تجرد خبرها من أن المصدرية ككرب وكاد الآتيين، ولو لوحظ دلالتها على الرجاء وحده لوجب اقتران خبرها بأن كحرى.