الثالث: إذن بثلاثة شروط
  وقولي «مطلقا» راجع إلى «لن» و «كي» المصدرية؛ فإن النصب لا يتخلّف عنهما.
  ولما كانت كي تنقسم إلى ناصبة - وهي المصدرية - وغير ناصبة - وهي التعليلية - أخّرتها عن لن.
  وأما «إذن» فللنصب بها ثلاثة شروط:
  أحدها: أن تكون مصدّرة؛ فلا تعمل شيئا في نحو قولك: «أنا إذن أكرمك» لأنها معترضة بين المبتدأ والخبر، وليست صدرا، قال الشاعر:
  ١٤٤ - لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها ... وأمكنني منها إذن لا أقيلها
  فالرفع لعدم التصدر، لا لأنها فصلت عن الفعل، لأن فصلها بلا مغتفر كما يأتي.
  والثاني: أن يكون الفعل بعدها مستقبلا؛ فلو حدّثك شخص بحديث فقلت له:
أصبح: فعل ماض ناقص، وتاء المخاطب اسمه، «مانحا» خبره، وفيه ضمير مستتر هو فاعله، «لسانك» لسان: مفعول ثان لمانح، ولسان مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه، «كيما» كي: حرف تعليل، وما: زائدة «أن» حرف مصدري ونصب، «تغرّ» فعل مضارع منصوب بأن، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، «وتخدعا» الواو عاطفة، تخدع: معطوف على تغرّ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت هو فاعله.
الشّاهد فيه: قوله «كيما أن تغرّ» حيث أدخل كي على أن؛ فلزم اعتبار كي حرفا دالا على التعليل، واعتبار أن مصدرية ناصبة، ولا يجوز اعتبار كي مصدرية، لئلا يتوالى حرفان بمعنى واحد، وهو غير مرضيّ على ما ستعرفه قريبا.
١٤٤ - هذا بيت من الطويل من كلام كثير بن عبد الرحمن، المشهور بكثير عزة، وكان قد مدح عبد العزيز بن مروان فأعجبته مدحته، فقال له: احتكم؛ فطلب أن يكون كاتبه، وصاحب أمره، فرده، وغضب عليه، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٤٩٥).
الإعراب: «لئن» اللام موطئة للقسم، وإن: شرطية، «عاد» فعل ماض فعل الشرط، مبني
= وتلخيص ضابط الحالة الثالثة: أن كي تحتمل المصدرية والتعليلية: إذا لم تذكر اللام قبلها ولا بعدها، ولم تذكر بعدها أن، نحو قولك: جئت كي أتعلم، فيمكن اعتبارها تعليلية، وحينئذ تقدر أن بعدها، ويمكن اعتبارها مصدرية، وحينئذ تقدر اللام قبلها ومن هنا تعلم أن كي تكون مصدرية لا غير في موضع واحد، وتعليلية لا غير في موضعين، ومحتملة لهما في موضع واحد.