شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

وتضمر أن بعد أربعة من حروف العطف

صفحة 326 - الجزء 1

  وأما الاستفهام فشرطه: أن لا يكون بأداة تليها جملة اسمية خبرها جامد؛ فلا يجوز النصب في نحو «هل أخوك زيد فأكرمه».

  ولا فرق بين الاستفهام بالحرف نحو: {فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا}⁣[الأعراف - ٥٣]. والاستفهام بالاسم نحو: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ}⁣[البقرة، ٢٤٥] يقرأ برفع (يضاعف) ونصبه، وفي الحديث حكاية عن الله تعالى «من يدعوني فأستجيب له، ومن يستغفرني فأغفر له» والاستفهام بالظرف نحو «أين بيتك فأزورك؟» و «متى تسير فأرافقك؟» و «كيف تكون فأصحبك؟».

  فإن قلت: فما بال الفعل لم ينصب في جواب الاستفهام في قول الله ø: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً}⁣[الحج - ٦٣].

  قلت: لوجهين؛ أحدهما: أن الاستفهام هنا معناه الإثبات، والمعنى قد رأيت أن الله أنزل من السماء ماء، والثاني: أن إصباح الأرض مخضرّة لا يتسبّب عما دخل عليه الاستفهام، وهو رؤية المطر، وإنما يتسبب ذلك عن نزول المطر نفسه؛ فلو كانت العبارة أنزل الله من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ثم دخل الاستفهام صحّ النصب.

  فإن قلت: يردّ هذا الوجه قوله تعالى: {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي}⁣[المائدة، ٣١] فإن مواراة السوأة لا يتسبب عما دخل عليه حرف الاستفهام، لأن العجز عن الشيء لا يكون سببا في حصوله.

  قلت: ليس (أوارى) منصوبا في جواب الاستفهام، وإنما هو منصوب بالعطف على الفعل المنصوب، وهو (أكون).


اللّغة: «وفقني» أراد اهدني وأرشدني، «أعدل» أميل، «سنن» بفتح السين والنون جميعا - هو الطريق، «الساعين» جمع ساع، وهو السائر.

الإعراب: «رب» منادى بحرف نداء محذوف، والأصل يا ربي، فحذف ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة التي قبلها «وفقني» وفق: فعل دعاء، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والنون للوقاية، والياء مفعول به، «فلا» الفاء فاء السببية، ولا: نافية، «أعدل» فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، «عن