شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

وتضمر أن بعد أربعة من حروف العطف

صفحة 328 - الجزء 1

  وأما التّمنّي فكقوله تعالى: {يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً}⁣[النساء، ٧٣]، وقول الشاعر:

  ١٥٣ - * ألا رسول لنا منها فيخبرنا*

  فهذه أمثلة النصب بعد فاء السببية في هذه المواضع الثمانية.


المعنى: يقول لمخاطبه: لقد حدثك الناس عنا، وزعموا لك أنا قوم نكرم الضيف، وننزله خير منزل، فأنا أعرض عليك أن تزورنا وتلم بدارنا لتعرف حقيقة ما سمعته من أفواه المتحدثين عنا، ولتكون عارفا بحالنا معرفة أكيدة؛ فإن المعرفة عن طريق السماع ليست كالمعرفة عن طريق المعاينة والمشاهدة.

الإعراب: «يا» حرف نداء «ابن» منادى منصوب بالفتحة الظاهرة، وابن مضاف و «الكرام»، مضاف إليه، «ألا» أداة عرض، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب، «تدنو» فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل، «فتبصر» الفاء فاء السببية، تبصر: فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وفاعل كل من تدنو وتبصر ضمير مستتر في كل منهما وجوبا تقديره أنت، «ما» اسم موصول بمعنى الذي: مفعول به لتبصر، مبني على السكون في محل نصب، «قد» حرف تحقيق، «حدثوك» حدث: فعل ماض، وواو الجماعة فاعله، وضمير المخاطب مفعول به أول، ولهذا الفعل مفعول ثان محذوف هو رابط الصلة بالموصول، والتقدير: فتبصر الذي حدثوكه، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، «فما» الفاء حرف دالّ على التعليل، وما: نافية، «راء» مبتدأ، «كمن» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، «سمعا» فعل ماض، والألف للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من المجرورة محلا بالكاف، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة من المجرورة محلّا بالكاف.

الشّاهد فيه: قوله «فتبصر» حيث نصب الفعل المضارع، الذي هو قوله تبصر، بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية في جواب العرض المدلول عليه بقوله «ألا ...».

١٥٣ - هذا صدر بيت من البسيط لأمية بن أبي الصلت، وعجزه قوله:

* ما بعد غايتنا من رأس مجرانا*

وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ٤٢٠).

اللّغة: «ألا رسول لنا منها» رواية سيبويه والأعلم «ألا رسول لنا منا» وكلتا الروايتين صحيحة المعنى، وضمير المؤنثة في «منها» على هذه الرواية يعود إلى المقابر، مثلا «غايتنا» أصل الغاية في