شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

وتضمر أن بعد أربعة من حروف العطف

صفحة 331 - الجزء 1

  لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم

  وتقول: «لا تأكل السّمك وتشرب اللبن» فإذا أردت بالواو عطف الفعل على الفعل جزمت الثاني، وكان شريك الأول في النهي، وكأنك قلت: لا تفعل هذا، ولا هذا وحينئذ فيلتقي ساكنان الباء واللام فتكسر الباء على أصل التقاء الساكنين، وإن أردت عطف مصدر الفعل على مصدر مقدر مما قبله نصبت الفعل بأن مضمرة، وكان النهي حينئذ عن الجمع بينهما، وإن أردت الاستئناف رفعت الثاني.

  والرابع: التمني، كقوله تعالى: {يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}⁣(⁣١).

  والخامس: الاستفهام، كقوله وهو الحطيئة:

  ١٥٥ - ألم أك جاركم ويكون بيني ... وبينكم المودّة والإخاء


فاعل ينادي، وأن مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر إن.

الشّاهد فيه: قوله «وأدعو» حيث نصب الفعل المضارع، الذي هو قوله أدعو، بأن المضمرة وجوبا بعد واو المعية الواقعة في جواب الأمر المدلول عليه بقوله «ادعي».

١٥٥ - هذا بيت من الوافر من كلمة للحطيئة يهجو فيها الزبرقان بن بدر وقومه، ويمدح آل بغيض بن شماس، وهذا البيت أنشده سيبويه (ج ١ ص ٤٢٥) والمؤلف في القطر (رقم ٢٢) والأشموني في باب إعراب الفعل، وابن عقيل (رقم ٣٢٩).

الإعراب: «ألم» الهمزة للاستفهام التقريري، لم: حرف نفي وجزم وقلب، «أك» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، «جاركم» جار: خبر أك منصوب بالفتحة الظاهرة، وجار مضاف، وضمير جماعة المخاطبين مضاف إليه، «ويكون» الواو واو المعية، يكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد واو المعية، «بيني»، بين: ظرف متعلق بمحذوف خبر يكون تقدم على اسمه، وبين مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «وبينكم» ظرف معطوف بالواو على الظرف


(١) سورة الأنعام، الآية: ٢٧، وقد قرأ حمزة وحفص في هذه الآية الكريمة بنصب «نكذب» ونصب «نكون» والاستشهاد لما نحن فيه يصلح بكل واحدة من الكلمتين، خلافا لمن زعم أن الاستشهاد لا يكون إلا في (ونكون).