شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثاني من المجرورات: المجرور بالإضافة

صفحة 344 - الجزء 1

  زيد» و «الضّاربو زيد» وقد تقدم شرحهنّ في فصل المحلى بأل⁣(⁣١)؛ فأغنى ذلك عن إعادته؛ فلذلك قلت: «إلا فيما استثنى» أي: إلا فيما تقدم لي استثناؤه.

  ثم بينت بعد ذلك أن الإضافة قسمين: محضة، وغير محضة.

  وأن غير المحضة عبارة عما اجتمع فيها أمران: أمر في المضاف، وهو كونه صفة، وأمر في المضاف إليه، وهو كونه معمولا لتلك الصفة، وذلك يقع في ثلاثة أبواب: اسم الفاعل، ك «ضارب زيد» واسم المفعول، ك «معطى الدّينار» والصفة المشبهة، ك «حسن الوجه» وهذه الإضافة لا يستفيد بها المضاف تعريفا ولا تخصيصا، أما أنه لا يستفيد تعريفا فبالإجماع، ويدل عليه أنك تصف به النكرة فتقول: «مررت برجل ضارب زيد» وقال الله تعالى: {هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ}⁣[المائدة - ٩٥] {هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا}⁣[الأحقاف، ٢٤] إن لم تعرب (ممطرنا) خبرا ثانيا، ولا خبرا لمبتدأ محذوف، وأما أنه لا يستفيد تخصيصا فهو الصحيح، وزعم بعض المتأخرين أنه يستفيده، بناء على أن «ضارب زيد» أخصّ من «ضارب» والجواب أن «ضارب زيد» ليس فرعا عن «ضارب» حتى تكون الإضافة قد أفادته التخصيص، وإنما هو فرع عن «ضارب زيدا» بالتنوين والنصب، فالتخصيص حاصل بالمعمول أضفت أم لم تضف.

  وإنما سمّيت هذه الإضافة غير محضة لأنها في نية الانفصال؛ إذ الأصل «ضارب زيدا» كما بيّنا، وإنما سميت لفظية لأنها أفادت أمرا لفظيّا، وهو التخفيف؛ فإن «ضارب زيد» أخفّ من «ضارب زيدا».

  وأن الإضافة المحضة عبارة عما انتفى منها الأمران المذكوران أو أحدهما، مثال ذلك «غلام زيد» فإن الأمرين فيهما منتفيان، و «ضرب زيد» فإن المضاف إليه وإن كان معمولا للمضاف لكن المضاف غير صفة، و «ضارب زيد أمس» فإن المضاف وإن كان صفة لكن المضاف إليه ليس معمولا لها؛ لأن اسم الفاعل لا يعمل إذا كان بمعنى الماضي؛ فهذه الأمثلة الثلاثة وما أشبهها تسمى الإضافة فيها محضة - أي: خالصة من شائبة الانفصال - ومعنوية، لأنها أفادت أمرا معنويّا، وهو تعريف المضاف


(١) انظر (١٨٥ وما بعدها من هذا الكتاب).