شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الجوازم نوعان:

صفحة 354 - الجزء 1

  السادس: ما هو متردّد بين الأقسام الأربعة، وهي أيّ؛ فإنها بحسب ما تضاف إليه؛ فهي في قولك «أيّهم يقم أقم معه» من باب من، وفي قولك: «أيّ الدّوابّ تركب أركب» من باب ما، وفي قولك: «أيّ يوم تصم أصم» من باب متى، وفي قولك: «أيّ مكان تجلس أجلس» من باب أين.

  ثم بيّنت أن الفعل الأول يسمى شرطا، وذلك لأنه علامة على وجود الفعل الثاني، والعلامة تسمى شرطا، قال الله تعالى: {فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها}⁣[محمد - ١٨] [أي: علاماتها] والأشراط في الآية جمع شرط - بفتحتين - لا جمع شرط - بسكون الراء - لأن فعلا لا يجمع على أفعال قياسا إلا في معتل الوسط كأثواب وأبيات.

  ثم بينت أن فعل الشرط يشترط فيه ستة أمور:

  أحدها: أن لا يكون ماضي المعنى⁣(⁣١)؛ فلا يجوز: «إن قام زيد أمس أقم معه».


(رقم ٣٣٨) والمؤلف في القطر (رقم ٣٨) والأشموني في جوازم المضارع.

اللّغة: «تستقم» تعتدل وتسر في الطريق المستقيم، «يقدر» يريد يبلغك ويوصلك، «نجاحا» ظفرا بما تحب ونيلا لما تريد، «غابر الأزمان» باقيها.

الإعراب: «حيثما» اسم شرط جازم يجزم فعلين، وهو مبني على الضم في محل نصب لأنه ظرف مكان، وعامله قوله يقدر، «تستقم» فعل مضارع فعل الشرط، مجزوم بحيثما، وعلامة جزمه السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، «يقدر» فعل مضارع جواب الشرط، مجزوم، وعلامة جزمه السكون، «لك» جار ومجرور متعلق بيقدر، «الله» فاعل يقدر، «نجاحا» مفعول به ليقدر، «في غابر» جار ومجرور متعلق إما بيقدر وإما بمحذوف صفة لقوله نجاحا، وغابر مضاف و «الأزمان» مضاف إليه.

الشّاهد فيه: قوله «حيثما تستقم يقدر» حيث جزم بحيثما فعلين: أولهما قوله تستقم، وهو فعل الشرط، وثانيهما قوله يقدر، وهو جواب الشرط وجزاؤه.


(١) قد يكون الشرط والجواب مضارعين، وهو الأصل، نحو قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} وقد يكونان ماضيين نحو قوله سبحانه: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا} وقد يكون الشرط ماضيا والجواب مضارعا نحو قوله جل شأنه: {مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} وقد يكون الشرط مضارعا والجواب ماضيا، وخص الجمهور هذا النوع بالضرورة، وذهب الفراء وابن مالك إلى جوازه في الاختيار، وهو الذي نرجحه، فقد وردت منه جملة صالحة من الشواهد: من ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام «من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له» =